ويحدثنا المؤرخون بكثير من أعاجيب قصور الأمير عبد الرحمن وما كان بها من الأبواب الفاخرة التي تفتح على الحدائق حولها أو على النهر، أو التي يمر منها الأمير إلى المسجد الجامع في طريق فرشت بالبسط الثمينة ليؤدي صلاة الجمعة.
وكان بعض هذه القصور يسمى «بالزاهر»، وبعضها «بالمعشوق»، وبعضها «بالمؤنس»، ورابع «بقصر التاج» وهكذا، بينما احتفظ قصر خامس باسم حاضرة الأمويين بالشرق وهو «دمشق»، وكان يقوم على أعمدة من الرخام، وقد رصفت أرضه بالفسيفساء وبلغ غاية الروعة والجمال حتى ليقول فيه بعض الشعراء:
3
كل قصر بعد الدمشق يذم
فيه طاب الجنى ولذ المشم
منظر رائق وماء نمير
وثرى عاطر وقصر أشم
بت فيه والليل والفجر عندي
عنبر أشهب ومسك أحم
ولبعض بساتين قرطبة أسماء مغرية تدعو المرء إلى الاضطجاع بجانب جداولها المتدفقة، والتمتع بشذى أزهارها وأثمارها، ف «منية الناعورة» توحي إليك بإحساس نحو الراحة والنعيم، منصتا إلى صوت الماء وهو ينصب من الساقية إلى حياض البستان، و«مرج الخز» كان بلا شك بستانا ساحر المنظر لأهل قرطبة بأزهاره المختلفة الألوان، وكان جريان الوادي الكبير مصدر بهجة وسرور لهم؛ لأن الشرقيين لا يحبون شيئا في الدنيا أكثر من أن يروا منظرا يسمعون فيه تمتمة الأنهار، وعرب إسبانيا شرقيون في كل شيء إلا في موقعهم الجغرافي.
نامعلوم صفحہ