روى أبو الفتح: وقد يؤذي بكسر الذال.
قال الشيخ: أول البيت ناقص لروايته (يؤذي بالكسر)، والعادة تنقضه وتنفيه، ولا تُرخص يحال فيه، فإن الرجل جعل الزمان محب سيف الدولة، وهو حبيبه، لهذا المعنى قال: يُجمشك بهواه وحبه إياك، ثم قال: ولا بدع ولا عجب، فقد يؤذى الحبيب من المقة والحب، فالزمان يؤذيك بهذه الشكاية كما يؤذي العاشق المعشوق بالضم والشم والعناق واللثم والتقبيل والرشف والعض والقرص والمص وأشباهها، وما هي لجفوة بل لصبوة، فهذا تجميش العشاق، وهذه الشكاة تجميش الزمان إياك من الهوى والاشتياق، وفسر هذا بالحبيب، ويؤذي من فرط المحبة والمقة، فمن رواه بالكسر فماذا يكون معناه؟ وكيف يلائم أول البيت آخره؟ وإذا كان الحبيب المؤذي له فمن المؤذى؟ وعلى هذه الرواية يجب أن يكون سيف الدولة يجمش الزمان ويعله ويمرضه، ويكون محب الزمان والزمان حبيبه، وهذا محال كما ترى. والحبيب لا يؤذي إلا بالصد والهجر والدلال والفراق وأشباهها، ولا مكان لها هاهنا، وإذا كان سيف الدولة المجمش، فلابد أن يكون هو المؤذي البتة، فإذا لا وجه لكسر الذال هنا بحال.
(فَقَرطْها الأعنَّةَ راجعاتٍ ... فإنَّ بعيدَ ما طلبتْ قريبُ)
1 / 35