حب العقل الذي قليله خيرٌ من كثير حب الجهل، فإن قليله نافع، وكثير ذلك ضائر، وهو شطر مما يقول الناس: عدوٌّ عاقلٌ خيرٌ من صديقٍ جاهلٍ. وليس يقول: أحبك حبًا قليلًا، يقول: أحبك من طريق العقل الذي قليلُ حبه صالح، فكيف كثيره؟
وقال في قصيدة أولها:
(لكلِّ امرئٍ مِن دهرهِ ما تعوَّدا ... . . . . . . . . . . . . . . .)
(وربَّ مريدٍ ضرَّه ضرَّ نفسَه ... وهادٍ إليه الجيش أهدى وما هدَى)
قال أبو الفتح: هاد: أي قائد، وباعث إليه الجيش، فإنما أهداه إليهم من الهدية.
لا من الهداية، ولم يرشد الجيش بل أضله، ببعثه إياه وقصد سيف الدولة.
قال الشيخ: ما في البيت ولا معناه إضلال، وإن كان في لفظ الهداية والضلال تطبيق فقوله: بل أضله لغوُ، فإن معناه: رب من أراد لسيف الدولة ضرًا، وهيأ أسبابه، فناله الضرر دونه ونابه، ورب مرشد إليه جيشه، فكان مُهديًا إليه الجيش لا هاديًا، ومُغنمًا له ذلك لا باعثًا كقوله:
أغرَّكمُ طولُ الجيوشِ وعَرضُها ... عليٌّ شَروبُ للجيوشِ أَكولُ