فجأة اهتزت الطائرة في عنف، وسمعت صوت انفجار مكتوم، فتحت كل النوافذ العلوية للمسافرين لتتساقط أقنعة الأكسجين أمام وجوهنا المذعورة، ودوى الصوت المرعب المتقطع لصفارة التنبية لتخبرنا بأن شيئا ما ليس على ما يرام، تأكدت من هذا عندما نظرت من النافذة بجواري ورأيت خيط الدخان يتسرب من محرك جناح الطائرة .
هذه المرة كانت نغمة الخوف في صوت الطيار واضحة وهو يخبرنا بأننا فقدنا أحد المحركات ويطلب من الجميع ارتداء الأقنعة، ويحاول طمأنتنا بأن المحرك الثاني يعمل بكفاءة.
يا إلهي الرحيم!
كانت الطائرة ترتج بعنف، وأغمي على المرأة المسنة التي تجلس بجواري فورا، وفي لحظة ارتفعت أصوات البكاء المكتوم والهمهمات المتداخلة للمسافرين، رأيت المضيفات يهرعن بسرعة في الممرات ليساعدوا المسافرين على ارتداء الأقنعة.
صوت صفارة التحذير المتقطع يزيد الوضع سوءا، فليخرسوه قليلا.
كان قلبي قد تجاوز أي حد معقول للضربات، وراح يخفق بعنف حتى شعرت بالنبض في عيني وصدغي، بسرعة وضعت قناع الأكسجين على وجهي، ثم ربطته على وجه جارتي المغمى عليها، وانحنيت للأسفل وأنا أردد هامسا بصوت مرتجف باك: «اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد، فلتحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل قوتك، ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك، أدعوك باسمك الأعظم «يهودا»، احفظ أرواحنا يارب، احفظ أرواحنا يا رب.»
عندما انفجر المحرك الثاني، عرفت هذا قبل أن أرى الكتلة النارية التي انبعثت منه.
لجزء من الثانية، بدا وكأنه أبد الدهر، توقفت الطائرة عن الارتجاج، وتوقف صوت عويل صفارة الإنذار المرعب، وتوقف صوت البكاء والصراخ والتوسلات للمسافرين كلهم دفعة واحدة، وتجمد كل شيء.
ثم هوت الطائرة كالحجر.
6
نامعلوم صفحہ