واغرورقت عين سليم بالدمع وقال لها: بل سيشفيك الله يا حبيبتي، وسأجعل الطب كله في خدمة حياتك العزيزة!
وشفى الله سمية، وعاد سليم معها إلى باريس يقضيان بها أيام نقاهتها ويستعيدان فيها أحلى ذكرياتهما، تاركين ولدهما بالأرجنتين يشرف على ثروتهما.
وأعادت باريس العافية كاملة إلى سمية، وإنهما ليسيران يوما على مقربة من مقابر «بير لاشيز» إذ قال سليم لزوجته: ما رأيك في أن أشتري بين هذه المقابر قبرا فسيحا يضم رفاتنا بعد عمر طويل؟
فباريس وطن حبنا ومستقره.
وألقت سمية ببصرها إلى الأرض، وبعد تفكير طويل قالت: إن الأرض لله يورثها من يشاء. وأنت يا سليم وطني وروحي، فاصنع ما بدا لك!
آباء وأبناء
أعرفها من ثلاثين سنة أو تزيد، وقد تخطت الآن الخمسين، ولم أكن أعرف أن لها قصة، ولم تفكر هي يوما في أن تروي لي قصتها. فلما قرأت قصة «هكذا خلقت»، أقبلت علي يوما تقول: إذا كان مثل هذا القصص يعنيك، فما لك لا تسمع قصتي، فإن راقتك، فدونها. إنني لا أستطيع أن أكتب بنفسي كما كتبت بطلة قصتك الأخيرة، وأتمنى أن ترى ما أذكره لك جديرا بالتدوين!
قلت لها: «هاتي ما عندك، وأنا أعدك بتدوينه على لسانك.»
قالت: كانت لي أخت من أبي تكبرني بضعة أشهر، وكان خالها شابا رقيقا جميل الطلعة، يصغر أمها خمسة عشر عاما أو نحوها، وكان له وقف تشركه فيه أخته ما دام حيا، فإذا توفي عن ورثة ذكور انتقل الوقف إلى هؤلاء الورثة وحرمت أخته من ريعه.
وأحبت أختي قريبا لأبينا، وطمعت في أن تتزوجه. وكان قريبنا هذا يحبها، ويتمنى أن يتزوجها، لكنه كان شابا رقيق الحال، قليل الموارد، فلما خطبها إلى أبيها، استمهله محتجا بأن البنت لا تزال صغيرة السن، ولكنه ذكر لأمها أن رقة حال قريبه هي التي تجعله يطمع في يدها طمعا في مالها!
نامعلوم صفحہ