قياما خلف شيث كما يصطف (1) اليوم خلف المصلى على الميت، فقال شيث: يا جبرئيل أو يستقيم هذا لي وأنت من الله بالمكان الذي أنت فيه ومعك (2) عظماء الملائكة فقال جبرئيل: يا شيث ألم تعلم أن الله تعالى لما خلق أباك آدم أوقفه بين الملائكة وأمرنا بالسجود له، فكان امامنا ليكون ذلك سنه في ذريته، وقد قبضه الله اليوم وأنت وصيه و وارث علمه وأنت تقوم مقامه، فكيف نتقدمك وأنت امامنا؟ فصلى بهم عليه (3) كما امره.
ثم أراه كيف يدفنه، فلما فرغ من دفنه وذهب جبرئيل ومن معه ليصعدوا من حيث جاؤوا بكى (4) شيث ونادى يا وحشتا فقال له جبرئيل: لا وحشة عليك مع الله تعالى يا شيث، بل نحن نازلون عليك بأمر ربك وهو يؤنسك فلا تحزن، وأحسن ظنك بربك، فإنه بك لطيف وعليك شفيق.
ثم صعد جبرئيل ومن معه، وهبط قابيل من الجبل وكان على الجبل هاربا من أبيه آدم صلوات الله عليه أيام حياته لا يقدر ان ينظر إليه فلقي شيثا، فقال يا شيث: إني انما قتلت هابيل أخي لان قربانه تقبل ولم يتقبل قرباني، وخفت ان يصير بالمكان الذي قد صرت أنت اليوم (5) فيه وقد صرت بحيث أكره، وان تكلمت بشئ مما عهد إليك به أبي لأقتلنك (6) كما قتلت هابيل.
قال زرارة: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام - وأومأ بيده إلى فيه (7)، فامسكه يعلمنا أي هكذا انا ساكت -: فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة معشر (8) شيعتنا، فتمكنوا عدوكم من رقابكم، فتكونوا عبيدا لهم بعد إذ أنتم أربابهم وساداتهم، فان في التقية منهم لكم ردا عما قد أصبحوا
صفحہ 60