وكان صغيرا وكان مع الملائكة فتعبد معها بالامر بالسجود لآدم فسجدوا وأبى فلذلك قال الله تعالى: (الا إبليس كان من الجن).
(وروى) عن طاووس ومجاهد ان إبليس كان قبل ان يرتكب المعصية ملكا من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان الأرض وكان سكان الأرض من الملائكة يسمون الجن ولم يكن من الملائكة أشد اجتهادا ولا أكثر علما منه فلما عصى الله لعنه وجعله شيطانا وسماه إبليس وكان من الكافرين في علم الله.
(قال ابن عباس) أول من قاس إبليس فأخطأ القياس فمن قاس الدين بشئ من رأيه قرنه الله بإبليس. وقوله انظرني إلى يوم يبعثون يعني يخرجون من قبورهم للجزاء. أراد الخبيث ان لا يذوق الموت في النفخة الأولى وأجيب بالأنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهي النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين وهو أربعون سنة.
(وقوله) فبما أغويتني اي خيبتني من رحمتك وجنتك وامتحنتني بالسجود لآدم فغويت عنده أو حكمت بغوايتي وهذا كله تأويل والظاهر أنه كان يعتقد ان الاضلال عن الله تعالى وهو من جملة اعتقاداته الخبيثة.
ويعجبني مقالة حكيتها في كتاب زهر الربيع (1) وهي اني تباحثت مع علماء الجمهور فانتهى الحال إلى قوله ان الشيطان كان من أهل العلم فما مذهبه فقلت انه كان في الأصول من الأشاعرة وفي الفروع من الحنفية فتعجب من قولي فقال وما الدليل؟ قلت اما الأول فقوله فبما أغويتني فنسب الاضلال والاغواء إلى الله تعالى وهذا هو مذهب الجبرية من الأشاعرة. واما الثاني فعمله بالقياس في قوله انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فعمل بقياس الأولوية زعما منه ان السجود انما يكون للأشرف الأفضل وهو بزعمه أفضل من آدم لأنه مخلوق من النار وهي أشرف من الطين. والحاصل ان مذهب الشيطان أفضل من مذهب الحنفية لأنه يعمل بقياس الأولوية وأبو حنيفة كان يعمل بقياس المساواة الذي هو أضعف القياسات وأردؤها وقوله ثم لآتينهم من بين أيديهم.
صفحہ 38