إذن فلا يجوز أن ننزعج من الاختلافات الفكرية والفقهية والسياسية التي حدثت في عهد الصحابة سواء ما كان منها في خلافة أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي رضي الله عنهم وهذا ليس تبريرا لخروج من خرج على الإمام الشرعي وأحدث سفك الدماء كما فعل مانعوا الزكاة وبغاة الشام وأصحاب النهروان فخلافهم تجاوز إلى السيف وهنا نقول أصبح الاختلاف غير صحي في مجمله إذ لا بد من حق وباطل، من ظالم ومظلوم، أما الاختلاف بين المهاجرين والأنصار أو الاختلاف بين أبي بكر وعلي أو بين بعض الصحابة وعثمان فهذا اختلاف مشروع كل له أدلته واجتهاده ولم يصل للتفرق المذموم كما سيأتي بيانه. فالاختلاف نتيجة طبيعية لتمايز عقول الناس وتدينهم وأفهامهم وتكوينهم الخلقي والنفسي وتشكيلاتهم القبلية والمجتمعية ونظرتهم للدين والأمة والعلم000 وما إلى ذلك.
وهذا المعنى غاب عن كثير ممن ألف في الموضوع قديما وحديثا وذهب هؤلاء إلى أن الصحابة لم يختلفوا ولم تتعدد أفهامهم ولم ولم000الخ.
فالذين يقولون هذا القول يحتاجون لمعرفة النفس البشرية وطبيعة المجتمعات وما إلى ذلك من المعلومات الأساسية التي تساعد على تفهم ما يجري في التاريخ ثم تحليله بدلا من مصادرة الحقائق وإنكارها أو المبالغة في تأويلها والاعتذار عن أمور ليست بحاجة أن يعتذر عنها.
إذن نستطيع أن نقول بعد هذه المقدمة أنه حدثت خلافات بين الصحابة أنفسهم بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) مباشرة ونظرا لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان قد توفي فإن كثيرا من تلك الاختلافات لم تجد من يحسمها فحاول محبو كل طرف من الأطراف أن يحسموها دون جدوى والأمور تحتاج لمن يعقلها أكثر من حاجتها لمن يحسمها أو يصادرها أو يؤولها 000الخ
صفحہ 45