قراءة في كتب العقائد
قراءة في كتب العقائد
اصناف
السبب الثاني: خروج أحمد منتصرا من السجن بعد أن ظلم من المعتزلة وسلطتهم وكان لنشوة الانتصار والغضب على الخصوم أثر على حدة الإمام في التكفير والتبديع حتى هجر أمثال علي بن المديني ويحيى بن معين، وللأسف أن أغلب المنتصرين لا يتحكمون في عواطفهم خصوصا إذا كانت الدولة والعامة معه فالقلائل من الناس العقلاء يتحكمون في خصوماتهم فلا تخرج عن الشرع ولعل من أبرز النماذج الجميلة في تاريخنا نموذج الإمام علي مع الخوارج فرغم أنهم كانوا يصرحون بعداوته ويكفرونه ويسبونه ورغم ورود النصوص فيهم بأنهم (يمرقون من الإسلام) إلا أن الإمام علي كان شريف الخصومة فلم يستغل كل هذا في تكفيرهم وإنما قال: (إخواننا بغوا علينا) وكان يمنحهم حقوقهم كغيرهم من المسلمين ولم يقاتلهم إلا بعد سفكهم الدماء.
لكننا للأسف ننسى عند تخاصمنا هذه النماذج المشرفة فنكفر ونبدع ونفتي بإباحة الدماء عندما نجد الفرصة في ذلك فنسيء لهذا الإسلام العظيم الذي هو رحمة للعالمين فضلا عن المسلمين.
ولا نتذكر النصوص في تحريم التكفير إلا عندما يكفرنا الآخرون!! أما أن كنا الأقوياء فلا نتذكر إلا مواقف بعض أئمتنا الذين كانوا يكفرون خصومهم!! مع الدعاوى العريضة بأن تكفيرنا للآخرين من باب الحرص على الإسلام والعقيدة.. ثم نفاجأ بطلابنا بالأمس ينقلبون علينا اليوم ويكفروننا بالمنهج الظلمي الذي زرعه بعض السلف ودافع عنه معظم الخلف، حتى عاقبهم الله بهذا المنهج نفسه وأذاق بعضهم بأس بعض لتحكيمهم أخطاء بعض السلف وهجرانهم للأدلة الشرعية ومواقف الصحابة الكبار الذين هم أفضل من طبق المنهج الصحيح.
طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/29).
طبقات الحنابلة (1/47).
المصدر السابق (1/47).
صفحہ 151