وبتدقيق النظر؛فلا أعتقد أنه يوجد خلاف بين الروايتين؛ فالأرض التي لم يملكها أحد من قبل؛ فهي للمسلم الذي أحياها ولورثته بعد موته كما في (الأحكام)، وأما ما جاء في (المنتخب) من كون الأرض التي لا صاحب لها بأنها للإمام؛ فالمقصود بها الأرض التي تحجرها متحجر فتركها، وهو ما أوضحه الإمام المؤيد بالله (1)، ويدل على ذلك ما سبق هذه المسألة في (المنتخب)؛ إذ قال الإمام: "وأرض أحياها مسلم، فهي له ولورثته من بعده، ويؤخذ منه فيها العشر"(2)، والله أعلم.
المطلب الثاني حق الشفعة للذمي
هل للذمي حق الشفعة على المسلم؟
ذكر صاحب (التحرير) أن هناك قولين للإمام الهادي في حق الشفعة للذمي؛ إذ قال: "ولا شفعة لهم على المسلمين فيه، وقال في (المنتخب): لليهود والنصارى الشفعة على المسلمين إلا في أرض يجب في غلتها العشر" (3).
وعليه؛ فأننا أمام حكمين للإمام الهادي:
الأول : عدم جواز شفعة الذمي على المسلم.
وهذا القول هو مذهب الحنابلة والإمامية(4).
والآخر: جواز شفعة الذمي على المسلم في الأرض التي مصرها الكفار؛ إلا في الأرض التي يجب في غلتها العشر.
وهذا القول هو مذهب الأحناف والمالكية، والشافعية والظاهرية(5).
وهذا ما جاء في (الأحكام) و(المنتخب)، وبيانه كالآتي:
- لا يجوز عند الإمام الهادي أن يشفع الذمي على المسلم مطلقا، وهذا ما جاء في (الأحكام)، وفيه: "وكل مصر كانوا هم الممصرين له فهم على شفعتهم فيه يستشفع بعضهم على بعض، ولا يستشفعون على المسلمين"(6).
صفحہ 94