- وبخلاف ذلك ففي (الفنون) يذهب الإمام الهادي إلى أن للورثة الرجوع عن إجازتهم لما زاد عن الثلث بعد وفاة الموصي؛ إذ جاء: "فإن الرجل أوصى بنصف ماله لرجل، وأجاز الورثة ذلك وهو حي؛ فلما مات الموصي؛ رجعوا عن ذلك، وقالوا: لسنا نجيز أكثر من الثلث؛ فقال: ذلك لهم، ليست إجازة الورثة إلا من بعد الموت، ولا ينظر إلى أجازة الورثة قبل موت الرجل" (1).
وهذا التباين بين الكتابين قد ساقه كلا من الإمام المؤيد بالله والإمام ابن المرتضى؛ ففي (البحر الزخار)؛ قال: "(ه): وإذا أجاز الورثة الوصية بفوق الثلث؛ نفذت ولا رجوع لهم؛ إذ لهم حق في ماله في حياته بدليل منعه من صرف جميعه؛ فلهم إبطال حقهم؛ فإذا أبطلوه؛لم يكن لهم الرجوع كالشفيع إذا رجع، (ه) في الفنون: بل لهم الرجوع ولو بعد موته إذ أجازوا" (2).
وكان النص في (شرح التجريد): "ولو أنه استأذنهم في أن يوصي لأكثر من الثلث؛ فأذنوا له في ذلك، وأجازوه؛ جازت الوصية، ولم يكن لهم أن يردوها بعد موته ... وهذا رواية (الأحكام) .... وقال يحيى بن الحسين في (الفنون): لهم الرجوع بعد موت الموصي"(3).
وأقول أن سبب الحكم بجواز رجوع الورثة عن إجازتهم بالوصية فوق الثلث بعد موت الموصي؛ ربما يرجع إلى كون حق الورثة في المال قبل موت الموصي لم يستقر بعد؛ فذلك لا يمنع من تصرف الموصي بالمال كيفما شاء إذا برأ من مرضه (4) ، والله أعلم.
صفحہ 153