وهكذا حققت متونه وعربت مضامينه ، وهذبت مطالبه وجمعت شوارده ، ورتبت مسائله وفوائده وأخرجت قوانينه ومقاصده ، وأبرزت أبوابه وتفريعاته وأحكمت تنبيهاته وتتميماته ، وميزت ايقاظاته وتذنيباته ، وهكذا فعلت في مقدماته حتى وصلت الى خاتمتيه.
فكم تفحصت في كتب لمفردة وردت فيه لزمن طويل أو لكلمة قد خلت من شدة في المعاجم اللغوية لوقت كثير أو لضبط قول قائل بين الأقاويل.
ولو أنني عملت في تأليف كتاب مستقل في الأصول ؛ لكان أسهل علي همة ومنالا ؛ وأقل مدة وعبأ من التحقيق والشرح والتعليق على كتاب دراسي ، لأن العمل في الثاني يفتقر الى مزيد من الدقة وكثير من التتبع وتوجه كبير الى السياق ، حيث إن مثل هذه الكتب الدراسية مليئة بالألغاز ومفعمة بالألفاظ والعبارات ذات الوجوه المتعددة ، فعلى الشارح أن يعمل في حلها ، وعلى المعلق أن يقلب في معانيها. ويمكن القول بأن مثل هذا ، جهد في ضرب من ضروب الطلاسم ، وبعد كل هذا وذاك ، ربما سيأتي غدا حاسد أو غير ملتفت أو غير منصف ليقول : إن الأمر سهل بسيط لم يتعد الشرح والتعليق.
وهكذا عملت في إحياء هذا السفر العظيم ببث الحركة والقوة والروح فيه وإحضاره الى ساحة العلم والعلماء وميدان الفضل والفضلاء بحلة جديدة وطريقة حديثة تؤدي لتقبله والتوجه إليه.
وقد يقول قائل : بأن هذا الكتاب قد مضى عليه الزمان وأصبح بعيدا عن الأذهان بعد أن طواه النسيان وصار في ذاكرة الأيام.
نامعلوم صفحہ