اخفاء القرينة على المدعى ولذلك قالوا ان الفقيه متهم في حدسه بالنسبة إلى العرف وان كان هو من أهل العرف لكثرة وفور الاحتمالات وغلبة مزاولة المتخالفة من الاستعمالات مع ما يسنحه من المنافيات من جهة الأدلة العقلية والنقلية فلذلك قد يدعي أحدهم ان الامر بالشئ ء لا يدل على النهى عن ضده الخاص عرفا بأحد من الدلالات كما هو الحق ويدعي اخر دلالته لما التبس عليه الامر من جهة الأدلة العقلية التي قربت إليه مقصوده وكذلك في مقدمة الواجب فلابد ان يرجع إلى عرف عوام العرب فإنهم هم اللذين لا يفهمون شيئا الا من جهة نفس وضع اللفظ فالفقيه حينئذ كالجاهل بالاصطلاح وان كان من جملة أهل هذا الاصطلاح وبالجملة لابد من بذل الجهد في معرفة ان انفهام المعنى انما هو من جهة اللفظ لاغير وبما ذكرناه يندفع ما يتوهم ان التبادر كما هو موجود في المعنى الحقيقي فكذلك في المجاز المشهور فلا يكون علامة للحقيقة ولا لازما خاصا لها بل هو أعم من الحقيقة وتوضيح ذلك أن المجاز المشهور هو ما يبلغ في الاشتهار بحيث يساوي الحقيقة في الاستعمال أو يغلب ثم إن آل الامر فيه إلى حيث يفهم منه المعنى بدون القرينة ويتبادر ذلك حتى مع قطع النظر عن ملاحظة الشهرة أيضا فلا ريب انه يصير بذلك حقيقة عرفية كما ذكرنا سابقا وهذا أيضا وضع فالتبادر كاشف عنه وان لم يكن كذلك بل كان بحيث يتبادر المعنى بإعانة الشهرة وسببيته وان لم يلاحظ تفصيلا وهو الذي ذكره الأصوليون في باب تعارض الأحوال واختلفوا في ترجيحه على الحقيقة المرجوحة في الاستعمال فالحق ان هذا مجاز والتبادر الحاصل في ذلك ليس من علائم الحقيقة والذي اعتبر في معرفة الحقيقة هو التبادر من جهة اللفظ مع قطع النظر عن القرائن وان كانت القرينة هي الشهرة والموجود فيما نحن فيه انما هو من جهة القرينة وبعدما بينا لك سابقا لا مجال لتوهم ان يقال ان الجاهل بالاصطلاح إذا رأى أن أهل هذا الاصطلاح يفهم من اللفظ هذا المعنى ولا يظهر عليه ان ذلك من جهة الشهرة أو من جهة نفس اللفظ فينفي القرينة بأصل العدم ويحكم بالحقيقة مع أنه في نفس الامر مجاز فالتبادر لا يثبت الحقيقة فقط وذلك لان أصل العدم لا يثبت الا عدم العلم بالقرينة وما ذكرنا مبني على لزوم العلم بعدم القرينة حتى يختص بالحقيقة هذا إذا قلنا بلزوم تحصيل العلم في الأصول واما على القول بعدمه كما هو الحق والمحقق فهذا الظن الحاصل من الأصل مع التتبع التام في محاورات أهل ذلك الاصطلاح يقوم مقام العلم كما في سائر المسائل الأصولية والفقهية وغيرها فاعتقاد كونها حقيقة مع كونها مجازا في نفس الامر غير مضر مع أن هذا لا يتصور الا في فرض نادر كما لا يخفى فلا يوجب القدح في القواعد المبتنية على الغالب وينبه على ما ذكرنا البناء على أصالة الحقيقة فيما لم يظهر قرينة المجاز وان كان المراد هو المجاز في نفس الامر فان قلت
صفحہ 14