مع ملاحظة القول بلزوم حذفهما وتدارك الركوع فيما بعده وربما يتكلف في دفع هذا الاشكال بأن المخالف في المسألة إذا سلم أنه لو كان دليله باطلا لكان المهية هي على وفق ما اقتضاه دليل خصمه سواء صرح بذلك التسليم أم لا فهذا يكفي في كون المهية إجماعية عند الخصم إذا ظهر له بطلان دليل المخالف وغفلته عن الحق وفيه مع أن هذا إنما يتم بالنسبة إلى المخالفة الخاصة دون سائر المخالفات وذلك لا يثبت المهية مطلقا أن ظهور بطلان دليل المخالف غالبا إنما هو بحسب اجتهاد الخصم وقد يكون الغفلة في نفس الامر من جهة الخصم لا المخالف مع أن هذا الاحتمال حاصل بالنسبة إلى المخالف أيضا بالنظر إلى دليل الخصم فيصير الاجماع تابعا لاجتهاد المجتهد وهو كما ترى ويزيد شناعة ذلك لو تعدد الأقوال أزيد من اثنين كما في الجهر ببسم الله فإن الأقوال فيه ثلاثة الحرمة والوجوب والاستحباب وإن قلت الاجماع حينئذ يحصل بتكرير الصلاة فيصير الامر أشنع ومال هذا القول إلى وجوب الاحتياط وهو مع أنه لم يقم عليه دليل من العقل والنقل يوجب العسر والحرج أو الترجيح بلا مرجح وأما ما أورد على أعمال الأصل في ذلك بأنه إنما يتم إذا جاز العمل بالاستصحاب حتى في نفس الحكم الشرعي مع أنه معارض بأصالة عدم كونها العبادة المطلوبة وإن شغل الذمة اليقيني مستصحب حتى يثبت خلافه ففيه مع أن المحقق في محله كما سيجئ إنشاء الله تعالى حجية الاستصحاب مطلقا أن مرادهم من عدم حجيته في إثبات نفس الحكم الشرعي أن يكون الاستصحاب مثبتا لنفس الحكم مثل أن يقال أن المذي غير ناقض للوضوء مثلا لاستصحاب الطهارة السابقة فاستصحاب الطهارة هو المثبت لعدم كون المذي ناقضا وأصل العدم منفردا لا يثبت به المهية بل هي بضميمة سائر المثبتة لها كما لا يخفى مع أنه مقلوب على المعترض بأنه كيف يجوز التمسك في إثبات استحباب غسل الجمعة مثلا بعد تعارض الأدلة بأصالة عدم شئ آخر يدل على الوجوب فيحكم بالاستحباب فإن الذي يثبت من نفس أدلة الطرفين إنما هو القدر الراجح لاشتراكهما في الرجحان فيبقى نفي الوجوب وتعيين نفس الاستحباب مستفادا من نفس الاستصحاب وأصالة العدم إذ ليس مطلق الرجحان معنى الاستحباب وأما المعارضة بأصالة عدم كونها العبادة المطلوبة ففيه أن الموجود الخارجي كما يحتمل كونه غير العبادة المطلوبة يحتمل كونه هي فجعل أحدهما هو الأصل دون الاخر ترجيح بلا مرجح نعم يمكن أن يقال الأصل عدم تحقق العبادة المطلوبة في الخارج بمعنى عدم حصول اليقين بالاتيان بالعبادة المطلوبة ولا محصل لهذا الاستصحاب إلا بقاء المكلف به في الذمة وهو يرجع إلى استصحاب شغل الذمة اليقيني وجوابه ان اشتغال الذمة اليقيني مقتض لليقين بإبراء الذمة إذا أمكن والظن الاجتهادي الحاصل من الأصل
صفحہ 57