استيفاء الفكر واستقصاء النظر حقيقا بالقبول فلله الحمد على ذلك وإلا فالملتمس منك الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. أما المقدمة ففي بيان رسم هذا العلم وموضوعه ونبذ من القواعد اللغوية. واعلم أن قولنا أصول الفقه علم لهذا العلم وله اعتباران من جهة الإضافة ومن جهة العلمية فأما رسمه باعتبار العلمية فهو العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية فخرج بالقواعد العلم بالجزئيات وبقولنا الممهدة المنطق والعربية وغيرهما مما يستنبط منه الاحكام ولكن لم يمهد لذلك وبالاحكام ما يستنبط منها الماهيات وغيرها وبالشرعية العقلية وبالفرعية الأصولية وأما رسمه باعتبار الإضافة فالأصول جمع أصل وهو في اللغة ما يبتنى عليه شئ وفي العرف يطلق على معان كثيرة منها الأربعة المتداولة في ألسنة الأصوليين وهي الظاهر والدايل؟ والقاعدة والاستصحاب والأولى هنا إرادة اللغوي ليشتمل أدلة الفقه إجمالا و غيرها من عوارضها ومباحث الاجتهاد والتقليد وغيرهما والفقه في اللغة الفهم وفي العرف هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية والمراد بالأحكام هي النسب الجزئية وبالشرعية ما من شأنه أن يؤخذ من الشارع وإن استقل بإثبات بعضها العقل أيضا فخرج بالشرعية العقلية المحضة التي ليس من شانها ذلك كبيان أن الكل أعظم من الجزء والنقيضان لا يجتمعان وبالفرعية ما يتعلق بالعمل بلا واسطة فخرج بها الأصولية وهو ما لا يتعلق بالعمل بلا واسطة وإن كان لها تعلق بعيد و ههنا إشكال مشهور بناء على تعريف الحكم الشرعي بأنه خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين مع كون الكتاب من أدلة الاحكام وهو أيضا خطاب الله فيلزم اتحاد الدليل والمدلول واستراح الأشاعرة عن ذلك بجعل الحكم هو الكلام النفسي والدليل هو اللفظي وفيه مع أن الكلام النفسي فاسد في أصله ان الكتاب مثلا حينئذ كاشف عن المدعى لا أنه مثبت للدعوى فلا يكون دليلا في الاصطلاح والذي يخالجني في حله هو جعل الاحكام عبارة عما علم ثبوته من الدين بديهة بالاجمال والأدلة عبارة عن الخطابات المفصلة فإنا نعلم أولا بالبديهة أن لاكل الميتة وأكل الربا وغيرهما حكما من الاحكام ولكن لا نعرفه بالتفصيل إلا من قوله تعالى حرمت عليكم الميتة وحرم الربوا ونحو ذلك وهيهنا إشكال آخر وهو أن الاحكام كما ذكرت هي النسب الجزئية فموضوعاتها خارجة وقد تكون نفس العبادة ولا ريب أن معرفة ماهية العبادة وظيفة الفقه فلا ينعكس الحد ويمكن دفعه لالتزام الخروج لان تلك الموضوعات من جزئيات موضوع العلم وتصور الموضوع وجزئياته من مبادئ العلم والمبادئ قد تبين في ذلك العلم وقد تبين في غيره وتصور المضوع وأجزائه وجزئياته يحصل غالبا في أصل العلم ولا منافاة بين خروجه عن تعريف
صفحہ 5