162

كلام ظاهري بل الطبائع بنفسها تصير متعلقة للأحكام ومتصفة بالحسن والقبح وغاية ما يمكن أن يقال أنه لا وجود لها إلا بالافراد وفيه أنا نقول بتعلقها بها لا بشرط أن لا يكون معها شئ حتى لا يمكن التكليف بها وإذا تمكن المكلف من الاتيان بها في ضمن الفرد فيصدق عليه أنه متمكن منها كما أشرنا في مبحثه ولا فرق بين تعلق الامر به أو تعلق الحل والجواز والحرمة ونحوها نعم بعد الامتثال بفرد في الأوامر يسقط التكليف وذلك لا يستلزم عدم التخيير في الاتيان بأي فرد يمكن حصول الطبيعة في ضمنها وأما في مثل أحل الله البيع فلا سقوط للحل والجواز بمجرد ثبوته لفرد منه أو أفراد ومن لا يجوز تعلق الحكم بالطبائع فقد سلك هنا مسلكا آخر في استفادة العموم إذا وقع المفرد المحلى في كلام الحكيم فقال بأن الطبيعة لما لم يمكن تعلق الحكم بها ولا عهد خارجي يكون مرادا بالفرض ولا فائدة في إرادة فرد ما للزوم الاغراء بالجهل فتعين إرادة الاستغراق وهذا الكلام يجري على مذاق من يقول بالاشتراك اللفظي وغيره وأما المفرد المضاف فالظاهر أن المراد به الطبيعة فيستفاد منه العموم باعتبار الطبيعة على ما اخترناه وباعتبار الحكمة على التقرير الاخر ثم أن الشهيد الثاني رحمه الله قال في تمهيد القواعد إذا احتمل كون أل للعهد وكونها لغيره كالجنس أو العموم حملت على العهد لأصالة البراءة عن الزائد ولأن تقدمه قرينة مرشدة إليه ومن فروعها ما لو حلف لا يشرب الماء فإنه يحمل على المعهود حتى يحنث ببعضه إذ لو حمل على العموم لم يحنث ومنها إذا حلف لا يأكل البطيخ قال بعضهم لا يحنث بالهندي وهو الأخضر وهذا يتم حيث لا يكون الأخضر معهودا عند الحالف إطلاقه عليه إلا مقيدا ومنها الحالف لا يأكل الجوز لا يحنث بالجوز الهندي والكلام فيه كالسابق إذ لو كان إطلاقه عليه معهودا في عرفه حنث به إلا أن الغالب خلافه بخلاف السابق فإنه على العكس أقول بعد الاغماض عما بينا من أنه حقيقة في الجنس وأصالة الحقيقة تقتضي إرجاعه إلى إرادة الماهية نقول أن أصالة البراءة لا تقتضي الحمل على العهد مطلقا إذ قد تقتضي الحمل على الجنس أو العموم فإذا قال الشارع يجوز السجود على الحجر فإذا جوزنا السجود على أي حجر كان فلا يجب علينا تكلف تحصيل المعهود لو فرض حصول غير المعهود مثل المقناطيس وأمثلته في أحكام الشرع كثيرة مع أن ما ذكره في حكاية شرب الماء مع المناقشة في عدم كونه مثالا لما نحن فيه إذ العهد فيه إنما هو في الشرب لا الماء يقتضي خلاف ما ادعاه وبالجملة فأصالة البراءة قد تقتضي الحمل على المعهود كما في المثالين الأخيرين وقد تقتضي الحمل على العموم مع أن فيما يقتضي الحمل على العهد إنما يتم ما ذكره في الجنس إن أريد به ما يستلزم العموم كما حققناه و إن أريد به ما يشمل المعهود الذهني فلا توافقه أيضا لأنه قد يكون أصالة البراءة مقتضية للتنكير و

صفحہ 218