أما ما وضع باعتبار المادة فيقتصر فيه على السماع بخلاف ما وضع باعتبار الهيئة فيقاس عليه كأنواع المشتقات إلا ما خرج بالدليل كالرحمن والفاضل والسخي والمتجوز ونحوها للمنع الشرعي وإن أسماء الله تعالى توقيفية والمراد بالثاني أن الواضع جوز استعمال اللفظ فيما يناسب معناه الحقيقي بأحد من العلائق المعهودة فالمجازات كلها قياسي لعدم مدخلية خصوص المادة والهيئة فيها بل المعتبر فيها هو معرفة نوع العلاقة بينها وبين المعاني الحقيقية وبعبارة أخرى لا يحتاج المجاز إلى نقل خصوصياته من العرب بل يكفي أن يحصل العلم أو الظن برخصة ملاحظة نوع العلاقة في الاستعمال فيها من استقراء كلام العرب فيقاس عليه كلما ورد من المجازات الحادثة وغيها ولا يتوقف على النقل وإلا لتوقف أهل اللسان في محاوراتهم على ثبوت النقل ولما احتاج المتجوز إلى النظر إلى العلاقة بل كان يكتفى بالنقل ولما ثبت التجوز في المعاني الشرعية المحدثة مع عدم معرفة أهل اللغة بتلك المعاني وبطلان اللوازم بين ومذهب جماعة إلى اشتراط نقل آحادها لوجهين أحدهما أنه لو لم يكن كذلك للزم كون القرآن غير عربي وقد قال الله تعالى إنا أنزلناه قرآنا عربيا توضيحه أن ما لم ينقل من العرب فهو ليس بعربي والقرآن مشتمل على المجازات فلو لم يكن المجازات منقولة عنهم يلزم ما ذكر وفيه أولا النقض بالصلاة والصوم وغيرهما على مذهب غير القاضي و ثانيا أن ما ذكر يستلزم كون مجازات القرآن منقولا عن العرب لا جميع المجازات وثالثا لا نسلم انحصار العربي فيما نقل بشخصه عن العرب بل يكفي نقل النوع ورابعا لا نسلم كون القرآن بسبب اشتماله على غير العربي غير عربي لان المراد كونه عربي الأسلوب مع أنه منقوض باشتماله على الرومي والهندي والمعرب كالقسطاس والمشكاة والسجيل وخامسا لا نسلم بطلان كونه غير عربي فإنه مسلم لو أريد بضمير أنزلناه مجموع القرآن لم لا يكون المراد البعض المعهود كالسورة التي هذه الآية فيها بتأويل المنزل أو المذكور لان القرآن مشترك معنوي بين الكل والبعض فيطلق على كل واحد من أجزائها وثانيهما أنه إن كان نقل نوع العلاقة كافيا لجاز استعمال النخلة في الحائط والجبل الطويلين للشباهة والشبكة للصيد وبالعكس للمجاورة والابن للأب وبالعكس للسببية و المسببية وهكذا والتالي باطل فالمقدم مثله وقد أجيب عن ذلك بأن ذلك من جهة المانع لا عدم المقتضي وإن لم يعلم المانع بالخصوص أقول الصواب في الجواب أن يقال أن المقتضي غير معلوم فإن الأصل عدم جواز الاستعمال لكون اللغات توقيفية إلا ما ثبت الرخصة فيه فنقول إن المجاز على ما حققوه هو ما ينتقل فيه عن الملزوم إلى اللازم فلا بد فيه من علاقة واضحة توجب الانتقال ولذلك
صفحہ 25