قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
60

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

پبلشر کا مقام

القاهرة

وَالْجَهْلُ مَفْسَدَةٌ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا يَجِبُ إزَالَتُهُ كَالْجَهْلِ بِمَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا تَجِبُ إزَالَتُهُ بِبَعْضِ أَحْكَامِ الْفُرُوعِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اُخْتُلِفَ فِي إزَالَتِهِ. وَالْعِرْفَانُ مَصْلَحَةٌ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ مِنْ عُلُومِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَلَا حَدَّ لَهُ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ تَحْصِيلِهِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. [فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَصَالِحِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْمَفَاسِدِ] إذَا اجْتَمَعَتْ الْمَصَالِحُ الْأُخْرَوِيَّةُ الْخَالِصَةُ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا حَصَّلْنَاهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا حَصَّلْنَا الْأَصْلَحَ فَالْأَصْلَحَ وَالْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ [الزمر: ١٧] ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [الزمر: ١٨] . وَقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: ٥٥]، وَقَوْلُهُ: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾ [الأعراف: ١٤٥]، فَإِذَا اسْتَوَتْ مَعَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ تَخَيَّرْنَا، وَقَدْ يَقْرَعُ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ فِي التَّسَاوِي وَالتَّفَاوُتِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَصَالِحِ الْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ، وَلِبَيَانِ الْأَفْضَلِ وَتَقْدِيمِ الْفَاضِلِ عَلَى الْمَفْضُولِ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: تَقْدِيمُ الْعِرْفَانِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى الْإِيمَانِ بِتِلْكَ، وَيَقُومُ الِاعْتِقَادُ فِي حَقِّ الْعَامَّةِ مَقَامَ الْعِرْفَانِ، وَيَقُومُ الْإِيمَانُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْعِرْفَانِ لِتَعَذُّرِ وُصُولِ الْعَامَّةِ إلَى الْعِرْفَانِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْإِيمَانِ، وَعَلَى ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ وَبِمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الشَّرَائِعِ وَالْأَخْبَارِ وَعَذَابِ الْفُجَّارِ وَثَوَابِ الْأَبْرَارِ، وَالْعِرْفَانُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى ذَلِكَ لِشَرَفِهِ فِي نَفْسِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالدَّيَّانِ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أَيْضًا مُقَدَّمٌ بِالزَّمَانِ إلَّا عَلَى النَّصِّ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْمُفْضِي إلَيْهِ، وَلَيْسَ يَقْدُمُ النَّظَرُ إلَّا بِالزَّمَانِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ

1 / 62