قواعد الأحكام في مصالح الأنام
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
ناشر
مكتبة الكليات الأزهرية
پبلشر کا مقام
القاهرة
فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ دُخُولُ أَشْهُرِ الْحَجِّ سَبَبًا لِوُجُوبِهِ كَمَا كَانَ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ سَبَبًا لِوُجُوبِهَا؟ قُلْنَا قَدْ يَجِبُ الْحَجُّ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ عَلَى مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَفِي هَذَا بَحْثٌ، وَلَا يَتَعَلَّقُ حَظْرٌ وَلَا إيجَابٌ وَلَا كَرَاهَةٌ وَلَا اسْتِحْبَابٌ إلَّا بِفِعْلٍ دَاخِلٍ تَحْتَ قُدْرَةِ الْمُكَلَّفِ وَاخْتِيَارِهِ، وَالتَّكَالِيفُ مُقَيَّدَةٌ بِالْحَيَاةِ.
[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْحُقُوقِ إلَى الْمُتَفَاوِتِ وَالْمُتَسَاوِي وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ]
فِي انْقِسَامِ الْحُقُوقِ إلَى الْمُتَفَاوِتِ وَالْمُتَسَاوِي وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ اعْلَمْ أَنَّ حُقُوقَ الرَّبِّ وَحُقُوقَ عِبَادِهِ أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا مُتَسَاوِي، وَالثَّانِي مُتَفَاوِتٌ، وَالثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِي تَسَاوِيهِ وَتَفَاوُتِهِ؛ وَسَأَذْكُرُ لِذَلِكَ أَمْثِلَةً فِي فُصُولٍ تُرْشِدُ إلَى نَظَائِرِهَا.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي تَقْدِيمِ حُقُوقِ اللَّهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَمْعِهَا وَعِنْدَ تَيَسُّرِهِ لِتَفَاوُتِ مَصَالِحِهَا وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: مِنْهَا تَقْدِيمُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَنْدُوبَاتِ، وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الطَّاعَاتِ الْوَاجِبَاتِ فِي أَوَاخِرِ الْأَوْقَاتِ عَلَى الطَّاعَاتِ الْمَنْدُوبَاتِ، وَمِنْهَا تَأْخِيرُ الظُّهْرِ لِلْإِبْرَادِ، وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ الْمَقْضِيَّةِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ إذَا اتَّسَعَ وَقْتُ الْمُؤَدَّاةِ، وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَقْضِيَّةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْمُؤَدَّاةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀، لِئَلَّا تَفُوتَ مَصْلَحَةُ الْأَدَاءِ فِي الصَّلَاتَيْنِ.
وَمِنْهَا التَّرْتِيبُ فِي الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَاتِ، وَمِنْهَا تَقْدِيمُ النَّوَافِلِ الْمُؤَقَّتَةِ الَّتِي شُرِعَتْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ عَلَى الرَّوَاتِبِ، وَمِنْهَا
1 / 168