قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
144

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

پبلشر کا مقام

القاهرة

وَإِنْ شَهِدَ بِالْبَاطِلِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَهَذَا شَاهِدُ زُورٍ مُرْتَكِبٌ لِكَبِيرَةٍ. وَإِنْ بَنَى شَهَادَتَهُ عَلَى الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ بَاطِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا يُثَابُ عَلَى شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى بَاطِلٍ. وَإِنْ شَهِدَ بِالْأُجْرَةِ وَجَوَّزْنَا ذَلِكَ، فَهَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، إنْ سَامَحَ بِبَعْضِ الْعِوَضِ أُجِرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ] ِ الْإِخْلَاصُ أَنْ يَفْعَلَ الْمُكَلَّفُ الطَّاعَةَ خَالِصًا لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا يُرِيدُ بِهَا تَعْظِيمًا مِنْ النَّاسِ وَلَا تَوْقِيرًا، وَلَا جَلْبَ نَفْعٍ دِينِيٍّ، وَلَا دَفْعَ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ، وَلَهُ رُتَبٌ: مِنْهَا أَنْ يَفْعَلَهَا خَوْفًا مِنْ عَذَابٍ وَمِنْهَا أَنْ يَفْعَلَهَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَمَهَابَةً وَانْقِيَادًا وَإِجَابَةً، وَلَا يَخْطِرُ لَهُ عَرَضٌ مِنْ الْأَعْرَاضِ، بَلْ يَعْبُدُ مَوْلَاهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ وَإِذَا رَآهُ غَابَتْ عَنْهُ الْأَكْوَانُ كُلُّهَا وَانْقَطَعَتْ الْأَعْرَاضُ بِأَسْرِهَا وَأُمِرَ الْعَابِدُ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْدِيرِ نَظَرِهِ إلَى اللَّهِ، فَلْيُقَدِّرْ أَنَّ اللَّهَ نَاظِرٌ إلَيْهِ، وَمُطَّلِعٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى الِاسْتِحْيَاءِ مِنْهُ وَالْخَوْفِ وَالْمَهَابَةِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالْعِبَادَاتِ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْعُظَمَاءِ يُوجِبُ مَهَابَتَهُمْ وَإِجْلَالَهُمْ وَالْأَدَبَ مَعَهُمْ إلَى أَقْصَى الْغَايَاتِ، فَمَا الظَّنُّ بِالنَّظَرِ إلَى رَبِّ السَّمَوَاتِ؟ وَكَذَلِكَ لَوْ قَدَّرَ إنْسَانٌ فِي نَفْسِهِ أَنَّ عَظِيمًا مِنْ الْعُظَمَاءِ نَاظِرٌ إلَيْهِ، وَمُطَّلِعٌ عَلَيْهِ،

1 / 146