قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
1

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

پبلشر کا مقام

القاهرة

[مُقَدِّمَة الْكتاب] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ لِيُكَلِّفَهُمْ أَنْ يُوَحِّدُوهُ وَيَعْبُدُوهُ، وَيُقَدِّسُوهُ وَيُمَجِّدُوهُ وَيَشْكُرُوهُ وَلَا يَكْفُرُوهُ، وَيُطِيعُوهُ وَلَا يَعْصُوهُ، وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ رَسُولَهُ ﷺ لِيُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ وَيُطِيعُوهُ وَيَنْصُرُوهُ؛ فَأَمَرَهُمْ عَلَى لِسَانِهِ بِكُلِّ بِرٍّ وَإِحْسَانٍ، وَزَجَرَهُمْ عَلَى لِسَانِهِ عَنْ كُلِّ إثْمٍ وَطُغْيَانٍ وَكَذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِالْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَنَهَاهُمْ عَنْ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْإِثْمِ وَالطَّغْوَى. وَحَثَّهُمْ عَلَى الِاقْتِدَاءِ وَالِاتِّبَاعِ، كَمَا زَجَرَهُمْ عَنْ الِاخْتِلَافِ وَالِابْتِدَاعِ. وَكَذَلِكَ أَمَرَ عِبَادَهُ بِكُلِّ خَيْرٍ؛ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ، وَوَعَدَهُمْ بِالثَّوَابِ عَلَى قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] . وَنَهَاهُمْ عَنْ كُلِّ شَرٍّ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعِقَابِ عَلَى مَحْظُورٍ جَلِيلِهِ وَحَقِيرِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨]، وَبِقَوْلِهِ: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأنبياء: ٤٧] . وَكَذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ إجَابَتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَدَرْءِ مَفَاسِدِ مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ؛ إحْسَانًا إلَيْهِمْ، وَإِنْعَامًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ طَاعَتِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ. فَعَرَّفَهُمْ مَا فِيهِ رُشْدُهُمْ وَمَصَالِحُهُمْ لِيَفْعَلُوهُ، وَمَا فِيهِ غَيُّهُمْ وَمَفَاسِدُهُمْ لِيَجْتَنِبُوهُ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ عَدُوٌّ لَهُمْ لِيُعَادُوهُ وَيُخَالِفُوهُ، فَرَتَّبَ مَصَالِحَ الدَّارَيْنِ عَلَى طَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، فَأَنْزَلَ الْكُتُبَ بِالْأَمْرِ وَالزَّجْرِ وَالْوَعْدِ الْوَعِيدِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَصْلَحَهُمْ بِدُونِ ذَلِكَ؛ وَلَكِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيْحُكُمْ مَا يُرِيدُ، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.

1 / 3