قواعد التحديث
قواعد التحديث
ناشر
دار الكتب العلمية-بيروت
پبلشر کا مقام
لبنان
ثانيها: أن يقع بينهما المناظرة ويظهر الحديث بالوجه الذي يقع به غالب الظن فيرجع عن اجتهاده إلى المسموع، مثاله ما رواه الأئمة من أن أبا هريرة ﵁ كان من مذهبه أنه من أصبح جنبًا فلا صوم له حتى أخبرته بعض أزواج النبي ﷺ بخلاف مذهبه فرجع.
وثالثها: أن يبلغة الحديث، ولكن لا على الوجه الذي يقع به غالب الظن فلم يترك اجتهاده، بل طعن في الحديث مثاله: ما رواه أصحاب الأصول١ من أن فاطمة بنت قيس شهدت عند عمر بن الخطاب بأنها كانت مطلقة الثلاث فلم يجعل لها رسول الله ﷺ نفقة ولا سكنى فرد شهادتها، وقال: لا أترك كتاب الله بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت لها النفقة والسكني وقالت عائشة ﵂ لفاطمة ألا تتقي الله؟ يعني في قولها لا سكني ولا نفقة، ومثال آخر روى الشيخان أنه كان من مذهب عمر بن الخطاب أن التيمم لا يجزي للجنب الذي لا يجد ماء، فتمعك في التراب فذكر ذلك لرسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: "إنما كان يكفيك أن تفعل هكذا" وضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه ويديه فلم يقبل عمر، ولم ينهض عنده حجة لقادح خفي رآه فيه حتى استفاض الحديث في الطبقة الثانية من طرق كثيرة واضمحل وهم القادح فأخذوا به.
ورابعها: أن لا يصل إليه الحديث أصلًا مثاله: ما أخرج مسلم أن ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، فسمعت عائشة بذلك فقالت: يا عجبًا لابن عمر هذا يأمر النساء أن ينقضن رءؤسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن؟ لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد وما أزيد على أن أفرع على رأسي ثلاث إفراغات. مثال آخر: ما ذكره الزهري من أن هندًا لم تبلغها رخصة رسول الله ﷺ في المستحاضة فكان تبكي لأنها كانت لا تصلي. ومن تلك
١ راجع تخريج هذا في ص٨٨.
1 / 326