126

الفرض الخامس مسح الرأس: وقد اتفق الناس على أنه من فروض الوضوء، لقوله تعالى : {وامسحوا برؤوسكم} [المائدة:06]، واختلفوا في القدر المجزي منه، فذهب بعض أصحابنا-فيما وجدت- إلى أن الواجب: مسح جميعه (1)، ووافقهم على ذلك مالك بن أنس وبعض أصحابه (2)، ...

--------------------

واعتلوا بأن الباء في قوله: {برؤوسكم} دخلت للتوكيد لا للتبعيض، استشهاد بقوله: {وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج:29]؛ وذهب آخرون إلى أن مسح بعضه هو الفرض (3)، ووافقهم على ذلك الشافعي وأبوحنيفة (4)،

قوله دخلت للتوكيد: أي: زائدة في المفعول به، لكنه لم يطلق لفظ الزيادة تأدبا، ثم الظاهر أنه يفرق بين الباءين فإن الظاهر أن الثانية للتعدية، قال في "القاموس":» طاف حول الكعبة وبها «(5)، يعني -والله أعلم- ولا يقال: طفت الكعبة، فلو مثل بقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]-مثلا- لكان أظهر؛ ومثل صاحب» الإيضاح» -رحمه الله- زيادة الباء بقوله تعالى: {تنبت بالدهن}، في قراءة من ضم التاء من أنبت، و جعل الباء في قوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق}، دالة على الكل (6)، فليحرر جميع ذلك، والله أعلم.

قوله ووافقهم على ذلك الشافعي وأبوحنيفة: لكن القائلون بأن مسح البعض كاف مختلفون، فعندنا: أقل ذلك ثلاث شعرات بثلاثة أصابع، وعند الشافعي: يجزي شعرة

__________

(1) - العزابة، الديوان، كتاب الصلاة، 1/ ظهر الورقة: 14، ووجه الورقة: 15 (مخطوط).

(2) - ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد، 1/ 11.

(3) - منهم ابن جعفر الأزكوي في الجامع إذ قال:» وإذا مسح مقدم الرأس أجزأه، وإن مسح قفاه وترك مقدمه لم يجزه «، (1/ 360).

(4) - ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد، 1/ 11.

(5) - الفيروزابادي: باب الفاء، فصل الطاء: طاف.

(6) - عامر بن علي الشماخي، 1/ 73.

صفحہ 126