لم ينص عليها، وتخريجها على أصول تم وضعها وأحكم نسجها في القرون الأولى . وبجهود دائبة متواصلة في هذا المجال مع تعاقب العصور أضحى للفق كيان محكم شامخ البنيان موطد الأركان .
وبجانب التدوين والتفريع نهج الفقهاء مناهج مختلفة وأساليب متنوعة في ابراز الفقه الإسلامي، وأوجدوا فنونا في الفقه لم تكن معهودة من قبل ولا مأثورة من الأقدمين، وتلك الفنون الجديدة ساعدت على نمو الفقه بشكل واسع وسريع؛ ومن أخصبها هذا الفن الذي نحن بصدد دراسته في هذه الرسالة.
وتلك الجهود الجبارة التي بذلت في خدمة الفقه على امتداد التاريخ تمثلها كتب أصول الفقه ومصادر الفقه التي تصدى فيها الأصوليون والفقهاء لبيان الأصول وذكر الفروع على أنماط مختلفة.
فإن المجموعة الأولى من التراث الفقهي تتكون من مصادر أصول الفقه .ا وهي تبحث عن مناهج الاستنباط وطرق الاستدلال التي تعصم الفقيه عن الوقوع في الخطأ والعثار؛ ففي ضوئها يسير الفقيه في نهج سديد. وتقوم تلك الأصول القويمة بمثابة ميزان توزن به الأحكام الفقهية، وقد تضمنت تلك الكتب شيئا كثيرا من الأحكام الفقهية بجانب أنها تتناول الأصول، وتصور اتجاهات الفقهاء في البحث عن المسائل.
والمجموعة الثانية : تتألف من الغروع الفقهية أو المسائل التفصيلية المأخوذة من الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين، والتي استثمرها الفقهاء عن طريق اعمال القياس، والتعليل، والنظر في مقاصد الشارع الحكيم، وقد تكدست هذه الثروة الثمينة، ودونت في كتب فقهية كثيرة.
وكان من تنوع تلك الفروع المتكاثرة المتزايدة وثمرتها وجود القواعد الفقهية وبروزها فنا مستقلا إلى الساحة العلمية؛ فإن الفقهاء بعد إجالة النظر في نصوص الكتاب والسنة واستقراء تلك الفروع الفقهية، وعن طريق استنباط المناط وتحقيقه في كثر من الأحيان استنتجوا هذه القواعد الجامعة التي احتلت مكانا مرموقا بين الفنون الفقهية الأخرى، التي نشأت وترعرعت في حنود القرن الرابع الهجري
صفحہ 25