وكان شيخهم في هذه الطريقة وإمامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المبعوث إليهم بالرحمة العامة، والكتاب المنزل، الذي فيه موعظة من ربهم وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين فسبحان من وفقهم بفضله لتحقيق المحاسبة في ظواهرهم، وإتقان المراقبة في بواطنهم، فصفاهم له باطنا وظاهرا، فصلحوا لقربه، ومناجاة حضرته : (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).
وصلوات الله على نبي الهدى وإمام التقى محمد النبي الأمي وآله، وسلم تسليما كثيرا.
وبعد: فإن بعض الإخوان التمس أن أعلق له قاعدة مختصرة في طريق الفقر المحمدي، فأقررت له بقصر العبارة، وقلة البضاعة.
ثم رأيت المسارعة إلى إجابة سؤاله على قدر الإمكان أولى، وبالله المستعان.
اعلم - أيها الأخ وفقنا الله وإياك - أنك إن أردت الفقر المحمدي الصحيح، الذي له أصل ثابت، وفرع شامخ، فعليك بالفقر المحمدي، فإنه مأخوذ من رأس العين، وإياك أن تأخذ الفقر من أسفل، وتترك الشرب من رأس العين، وتشرب من المياه البعيدة عن منبوعها ، التي قد خالطها السباخ المالحة، واصفرت ألوانها لبعد مائها عن منبوعها، فصارت مغايرة للون المنبوع، منحرفة عن سواء السبيل - وأنت تفهم هذا الرمز، لأني شرحته لك مشافهة -.
صفحہ 24