قواعد في السلوك الى الله تعالى
قواعد في السلوك الى الله تعالى
اصناف
ذلك شغل شاغل عن كثرة الحركات، اللهم إلا الكمل؛ فإنهم يطيقون ذلك؛ لأنهم انجمعوا بمولاهم، وتوطنت قلوبهم في حضرته توطنا، فهم وإن تفرقوا في الظاهر فهم مجموعون في عين الجمع، فاعرف ذلك، فإن كنت تطلب هذه التحف السنية، والمشاهدات العلية ، من قرب رب البرية، فتقرب إليه بأعلى الأشياء وأسناها؛ من الأعمال القالبية والقلبية، فإن التقرب أثر لازم، أما الأعمال القالبية فيكفيك إتقان الفرائض، وتحرير اجتناب المناهي وما لا تتفرق به من السنن والنوادب.
واما التقرب إليه بالأعمال القلبية، فالحضور بين يديه من وراء حجب الغيوب، كما تحضر مع حبيب لك غائب عن بصرك؛ فإنه يمكنك ذلك ، فإذا تعودت الحضور لذلك، تطرقت إلى حريم المشاهدة، فعامله حينئذ بأفضل الأعمال؛ من الحياء، والمهابة، والحب المحرق لطلب ما سواه، فإن سواه هو العذاب الأليم.
فصل
فإذا علمت ذلك فاستعمله واصبر على عكوف الهم، وعلى الاقتصار على هذا دون غيره ، والنفس لا تدعك تقول : لك اعمل كذا ، اعمل كذا ؛ فإنها لا تصبر على الحضرة ؛ إذ لا يصبر عليها إلا محب صادق مستعد ، والذي لا يستعد تحطه النفس إلى السعايات والتكسب بالحركات من أنواع الطاعات فيحتاج الصادق إلى صبرين صبر على دوام الحضور بالحياء والمهابة، والحب والتعظيم، وصبر آخر على الاقتصار على ذلك.
صفحہ 188