ونهض الشيخ متثاقلا، وهو يحوقل ويسترجع،
12
وكأنما يحمل على كتفيه المعروقتين هم الدولة جميعا، واتخذ طريقه إلى حيث يعلم أنه سيجد الفتى فيتحدث إليه بما أراد أبوه ... •••
وكان الفتى وحيدا في بيته، قد ألقى يديه مشتبكتين في حجره وتسرحت أفكاره في أوديتها، فلم ينتبه إلى مؤدبه حين دخل إلا وقد اتخذ مجلسه إلى جانبه، وقال الشيخ باسما: «فيم كانت تحدثك نفسك يا بني حين ألقت حجابا بينك وبين الطارق المشوق إليك فلم تأذن له حتى أذن لنفسه؟»
قال الفتى، وقد اصطنع الهدوء وانفرجت شفتاه عن ابتسامة تشبه أن تكون عبوسا: «لا إذن عليك يا عم، إنما كنت أفكر في الأمر الذي قعد بك حتى الساعة عن مجلسي، وإني لفي انتظار مقدمك.»
قال الشيخ، وقد وجد بابا إلى الحديث: «فإني قادم الساعة من حضرة أمير المؤمنين، وقد شهدت من أمره أمرا، آمل أن ينتهي قريبا إلى عاقبته ...»
قال الفتى: «ماذا؟»
قال أبو بكر: «إن أباك يا بني داه لا يسبر غوره،
13
وإني لأرجو أن يقيم الله به عمود الدولة من ميل، وقد أجمع اليوم على خطة لعلها أن تكون سبيلا إلى شد أزر الدولة وتوحيد كلمتها.»
نامعلوم صفحہ