ومثل أبو عبد الله الحسين بن الجصاص الجوهري رسول خمارويه صاحب مصر والشام بين يدي أمير المؤمنين أبي العباس المعتضد، ودفع إليه كتاب خمارويه، ورجا أن يأذن في قبول هديته ...
وفض أمير المؤمنين غلاف الكتاب فقرأه حتى أتى على آخره، ثم أطرق يفكر في ذلك الأمر ... •••
واجتمع من الغداة في مجلس الخليفة المعتضد بضعة نفر من خاصته وأصحاب مشورته؛ فيهم مؤدبه أبو بكر القرشي، وقضاته: أبو خازم، وأبو إسحاق الأزدي، وأبو محمد البصري، ووزيره عبيد الله بن سليمان، وصاحب شرطته بدر المعتضدي، ولم يخل المجلس من بعض ندمان الخليفة: يحيى بن علي المنجم، وعبد الله بن حمدون.
وبدأ أبو بكر القرشي المؤدب فقال: «الحمد لله على ما أولاك من نعمته يا أمير المؤمنين، وما أفاض عليك من بره، فإني لأذكر الساعة ما كان من أمرك في مثل هذا اليوم منذ سنوات أربع، وقد جبهت أباك بالعصيان إسرافا في عداوة بني طولون، فصيرك إلى سجنه ووكل بك!»
قال المعتضد باسما: «فمن أجل بني طولون اجتمعنا الغداة يا أبا بكر.»
قال الوزير عبيد الله بن سليمان: «فهل بدا لمولاي في أمر الطولونية بداء بالحرب أو بالسلام؟»
وضحك النديم يحيى بن علي، وقال: «هون عليك يا أبا القاسم، أما الحرب فلا، وقد أنبأتني النجوم ...»
وسمع من حيث جلس قضاة الخليفة همهمة وزجر،
6
وقطع بدر صاحب الشرطة على المتحدث وفي صوته وعيد: «حسبك يا يحيى، فليس الأمر على ما تعودت من الهزل والعبث!»
نامعلوم صفحہ