38
فألجئوه إلى داره، وما أراه إلا قد هلك في أيديهم.»
ولبس خمارويه شكته، وقصد إلى دار صاحب الشرطة، وفي يده سيف مسلول، فما رآه السودان حتى أخذتهم هيبته، وأعجلهم سيف الأمير فمن ناله منهم هلك، وتفرق جمعهم أباديد ذات اليمين وذات الشمال، وتتبعهم غلمان الأمير يقتلون كل من لقوه منهم، فهلك منهم من هلك، واستخفى من استخفى، حتى يبيض وجهه، وسكنت الفتنة وأمن الناس، وعادت الحياة في مصر كما كانت: تجري مجراها آمنة مطمئنة.
وجيء إلى الأمير بهارب من السودان كان مستخفيا في بعض أزقة المدينة، فلما استنطقه الأمير نطق ...
وظهر لخمارويه بعض ما كان خافيا من أسباب فتنة السودان، فكتب إلى الموفق في بغداد كتابا يذكره فيه بما بينهما من عهد، ويسأله القبض على لؤلؤ الطولوني والقصاص منه، جزاء سعيه بالفتنة بين جند مصر.
وقبض على لؤلؤ واستصفي ماله، وحبس في المطبق.
39
6
كان محمد بن أبي الساج في كرسي الإمارة من بلاد الموصل، قد اجتمعت في يده كل أسباب السلطان، فلولا أنه قد دفع ولده «ديوداد» إلى خمارويه رهينة على الولاء لاستبد بالأمر وخلع طاعته ...
على أن خواطر أخرى كانت تصطرع في نفسه، وتسلبه الطمأنينة وراحة الضمير، فإنه ليعلم من نفسه علم اليقين أنه يوم خرج لجهاد الطولونية منذ سنوات ثلاث، لم يكن يقصد إلى الإمارة والتملك والاستبداد بالحكم في بلد من بلاد الخليفة بغير رسمه، ولم يكن يقدر أن تسخر منه الحوادث هذه السخرية الأليمة، فتحمله قسرا على أن يغير وجهه، فيكون عاملا من عمال خمارويه وكان حربا عليه، ولكن إسحاق بن كنداج - ذلك الخزري
نامعلوم صفحہ