1
وبعد أن شرح الأستاذ تومسون كل ما يرد على خاطر العالم من مصاعب السفر إلى الكواكب قال: «إن الظاهر من هذه العجالة أن صعوبات السفر بين الكواكب كثيرة عدا صعوبة الإفلات من أفق الأرض، ولكن لا يرى أن هناك صعوبة أساسية، ولا يسعنا إلا أن نطمئن على ثقة بأن براعة المهندسين تتغلب عليها خلال الخمسين أو المائة السنة التالية.»
وأحدث ما اطلعنا عليه في هذا الموضوع كتاب عنوانه: «صاروخ إلى القمر» ألفه المهندس النرويجي إريك برجوست، وخبير الطيران والقذائف الأمريكية سبروك هل، وقدم له فون برون مهندس الأقمار الصناعية - المتقدم ذكره - عجل فيه المؤلفان بالموعد المنتظر من خمسين سنة إلى سبع سنوات، وقالا في الفصل الأول منه: «إن الخطوة التالية - بغير ركب إنساني - تحتاج إلى أجهزة من الأقمار الصناعية أفضل وأكبر، ثم إلى أقمار تحمل الحيوانات، ثم إلى أقمار تحمل الحيوانات وتعود بها سالمة إلى الكرة الأرضية، ومتى تم ذلك استطاع الإنسان أن يذهب إلى الفضاء، ولكن الفتح العظيم الذي يقارن بإطلاق القمر الصناعي الأول إنما هو استطاعة الإنسان أن يهبط على سطح القمر، ويرجى أن يتم ذلك - بل قد يتم فعلا - قبل سنة 1965 في أقل من سبع سنوات.»
2
ويقول مهندس الأقمار الصناعية في مقدمته لهذا الكتاب: «إن تحقيق المخترعات الصاروخية المطلوبة لا يعوزه شيء من معرفة المبادئ العلمية والصناعية، وكل ما يحتاج إليه عزيمة ومال.»
والمؤلفان يستهلان كتابهما ببيان الأغراض التي توجب على أبناء العصر الحاضر متابعة النظر في تحقيق رحلات الفضاء، فيذكران في مقدمتها حب الاستطلاع، ويستشهدان بكلام للمهندس الكبير فون برون يقول فيه: «إن سببا من أول أسباب البحث في كل كشف أو ارتياد جديد يتلخص في مجرد التشوف وحب الاستطلاع، وليس من الحكمة ولا من الخبرة الواقعية أن نصر - سلفا - على المسوغات لكل بحث من هذا القبيل على أساس المنفعة العاجلة والنتائج العملية المحتملة، فإن تاريخ الفنون والمعارف الصناعية زاخر بالأمثلة التي تثبت أنها لا تقدر على دراية الإنسان بالأنباء عما تسفر عنه الكشوف والمخترعات.»
ويلي هذا السبب المفروض في جميع البحوث والمحاولات سبب معروف النتيجة يقوم على غريزة حب الحياة، والدفاع عن الذات، ويكفي أن يكون الاختراع صالحا لاستخدامه في هجوم أمة على أمة كي يكون العلم به واجبا لاتخاذ الحيطة والدفاع، ويقول المؤلفان: إن تنظيم البعثات المشتركة لارتياد الفضاء فوق القمر محتمل، بل قريب الاحتمال، ولكن الاتفاق على احتلال القمر بعيد؛ لأن استخدامه في الأغراض الحربية يغري السابقين إليه بالاستئثار واجتناب المشاركة فيه جهد المستطاع.
أما السبب الذي لا شك فيه ولا اختلاف عليه فهو جمع المعلومات، وكشف الحقائق عن أسرار العناصر المادية، وأسرار الضوء والطاقة المغناطيسية والجاذبية، وما إليها من الأسرار التي تتفتح مغاليق الطبيعة أمام من يعلمها، وتزيده عرفانا بحقائق الكون وما فيه ومن فيه من الأحياء العاقلة، إن كان فيه أحياء عاقلة غير الإنسان، وقد يشهد البشر يومئذ شهادة العيان أمورا من خفايا الغيب ظلت آلاف السنين حيرة للأفكار، ومسبحا لشوارد الظن والخيال.
الفصل الرابع
حكم العالم
نامعلوم صفحہ