فأجاب: نعم، هذا الطريق لا يوصل إلا إلى بيته الصيفي.
فقالت وهي تتنهد: وأنا كذلك، ولكنني لم أبلغه إلا بعد التحايل للفرار من أعين الرقباء.
فتساءل الشاب: ولكن لماذا يمنعونك من مقابلته؟ - إنه غاضب علي، وأنا مظلومة وأود أن تتاح لي فرصة للدفاع عن نفسي ليجري علي ما قطع من الرزق.
فقال الشاب صادقا: الحق أني لا أفهم شيئا. - أنا أنتمي في النهاية إلى أسرته، من الفقراء الذين كان يطولهم إحسانه، وبعد طلاقي أساءت إلي ألسنة السوء عنده، فقطع إحسانه عني، وأصبحت أخشى أن ينالني سوء أكثر.
فقال الشاب: على أي حال فها أنت في الطريق إليه، وهو رجل معروف بالأخلاق الكريمة، والرحمة الواسعة، وربنا معك.
فقالت المرأة بقلق: لن يسمح لي الخفير بمقابلته. - لا تقدري البلاء قبل وقوعه. - أنا على يقين من تعاسة حظي.
فصمت الشاب متضايقا لا يحير جوابا، فقالت المرأة برجاء: لعلك صديقه، فاذكرني عنده بما يفتح لي باب الرجاء، قلبي يحدثني بأنني لم أعثر عليك صدفة، ولكن الله أرسلك إلي لتفرج كربتي.
كان الظلام قد أخفاهما تماما، فما يشعر إلا بيدها تخطف يده لتلثمها في توسل حار. والتصقت به مستعينة به. بتلك الحركة انتقل الشاب من حال إلى حال. طيلة الوقت، وهو يتهرب من تأثيرها، ولكن التأثير استفحل في الوحدة والظلام، وبلغ ذروته في التلاصق. إنها صاحبة حاجة، هو أيضا صاحب حاجة، تربطهما تعاسة من نوع ما، ورغبات خفية. وشده الطريق وتناسى هدفه إلى حين، فأسكرته الرغبة. ومد ذراعه فطوق خصرها فأشعل جنونه استسلامها. وجذبها إلى جانب الطريق فرأتهما النجوم التي بدأت تومض في السماء الصافية. ورجعا إلى الإحساس بالظلام في هدأة الصمت الثقيل، وهمست: لا تنسني.
فأجاب بفتور: من الأوفق أن تنتظري هنا حتى أمهد لك السبيل.
فقالت برجاء: عين الصواب.
نامعلوم صفحہ