انگلینڈ اور سویز کینال: 1854-1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
اصناف
ولكن محاولات السفير البريطاني في رومه، وجرانفل في لندن مع السفير الإيطالي لم تجد نفعا كبيرا، فلقد كانت إجابة وزير الخارجية الإيطالية مانشيني تنطوي على عدم اقتناعه بوجهة النظر الإنجليزية، فلقد بين في أدب أنه لا يفهم معنى مناقشة مسألة مصر وقناة السويس في مكانين مختلفين في وقت واحد، فمسألة مصر والقناة معروضة الآن، باتفاق كل الدول الكبرى، أمام المؤتمر المنعقد في الأستانة، يتبادل أعضاؤه الآراء في شأنها، ويحاولون أن يجدوا لها علاجا حاسما.
ولذا فمانشيني يفضل العمل الجمعي الذي تشترك فيه كل الدول الكبرى، لا تعاون إنجلترا وإيطاليا وحدهما، وفي الواقع أن مانشيني كان يرى أن الظروف الحاضرة لا تبرر تدخل إيطاليا الحربي في بلاد ناشئة تسعى إلى تحقيق آمالها القومية، وأيده في موقفه بعض أعضاء البرلمان الإيطالي الذين ما فتئوا يؤيدون حق الشعوب في الوحدة والحرية.
وعند ذلك لاحظ السفير الإنجليزي لدى البلاط الإيطالي، وكان مغرما بإلقاء المحاضرات السياسية على الدولة الإيطالية الناشئة بأنه ينبغي ألا تنسى الحكومة الإيطالية ذلك العرض حتى لا تتهم الحكومة البريطانية في المستقبل بأنها اتبعت سياسة خاصة أنانية، كما ذكر أن بريطانيا غير محتاجة إلى معاونة أية دولة في حماية القناة أو القضاء على ثورة الجيش في مصر.
ولم تحتج بريطانيا على موقف إيطاليا هذا، بل اغتبطت له، فالمهم في نظر وزير خارجية إنجلترا أن دولته قد أظهرت رغبتها في مجاملة إيطاليا، ورفض بقوة اقتراح الحكومة الإيطالية إنشاء قوة بوليسية بحرية دولية للإشراف على حرية المرور في قناة السويس دون احتلال لأي جزء من أجزائها.
وواصلت إنجلترا السير في خطتها، فصرحت لقائدها البحري في بورسعيد بأن يحتل من أجزاء القناة ما يراه ضروريا لاتخاذ القناة قاعدة حربية، وقررت إرسال حملة إلى مصر تسير بطريق القناة ثم تستند إلى القناة، وتتكون هذه الحملة من 14794 جنديا بقيادة السير جارنت ولسلي، تنضم إليها قوة آتية من الهند قوامها 4586 جنديا، كما تنضم إليها الحامية البريطانية في الإسكندرية المكونة من 6186 رجلا، ويقوم بوشمب سيمور قائد القوات البحرية بمعاونة هذه الحملة، وأرسلت تعليمات إلى الأسطول بأن يقوم بحماية القناة، وأن تتخذ الحملة الإنجليزية القناة قاعدة لها.
وفي نهاية الأسبوع الأول من شهر أغسطس كانت إنجلترا قد أعلنت للدول أن القناة لا يمكن حمايتها تماما إلا باحتلال بعض النقط على ضفافها، ولا سيما وأنه قد وصل إلى علم الحكومة الإنجليزية أن عرابي باشا يجمع الجنود قريبا من منطقة القناة.
وفي هذه الأثناء كان مستر إدوارد ستاندن في مجلس شركة قناة السويس يجيب على احتجاجات فردنند دي لسبس بضرورة احترام حياد القناة، فبين أن آراء الدول الكبرى مختلفة بالنسبة لهذا الموضوع، وأن فرنسا نفسها إلى وقت قريب كانت قد أعلنت للحكومة الإنجليزية أنها لا تمانع في إنزال جنود إلى بورسعيد، وأن تحتل الجزء الشمالي من القناة، وأن ألمانيا نفسها قد وافقت على فكرة إنزال جنود في منطقة القناة، فقائد السفينة الحربية الألمانية الراسية في مياه بورسعيد قد أنزل بالفعل عددا من بحارته لحماية الرعايا الألمان في هذه المدينة، فهاتان الدولتان اللتان يقول عنهما دي لسبس بأنهما احترمتا حياد القناة، لم تريا في مثل هذا العمل اعتداء على حياد القناة.
على أن هذا الرأي لم يجد قبولا عند مدير الشركة الذي أرسل إلى ممثلي الدول في باريس منشورا يكرر فيه بأن القناة محايدة على أساس امتياز 5 يناير سنة 1856، فالمادة 14 منه تقول: «نعلن نحن وحلفاؤنا - بعد تصديق صاحب الجلالة الإمبراطورية «العثمانية» - بأن القناة البحرية الكبرى من السويس إلى بلوز والموانئ القائمة عليها مفتوحة دائما كممر محايد لكل السفن التجارية دون تمييز أو تفضيل لشخص أو لجنسية إذا دفعت الرسوم التي تقررها شركة القناة العالمية.»
ومادة 15 تقول: «ونتيجة لذلك لا يجوز لشركة القناة العالمية الممنوحة الامتياز تفضيل سفينة أو شركة أو شخص بإعطائهم امتيازات لا تكون لكل السفن أو الأشخاص أو الشركات في نفس الظروف.»
ومن امتياز 22 فبراير سنة 1866 تنص المادة العاشرة على أن من حق الحكومة المصرية أن تحتل الأراضي الواقعة على القناة التي ترى أنها لازمة للدفاع عن البلاد .
نامعلوم صفحہ