بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بَابُ ذَمِّ الْمَسْأَلَةِ وَالزَّجْرِ عَنْهَا وَالْفَضْلِ فِي التَّعَفُّفِ عَنْهَا
١ - عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ يَتَقَبَّلْ لِي بِوَاحِدَةٍ أَتَقَبَّلْ لَهُ بِالْجَنَّةِ» .
قَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا، قَالَ: «لا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا» .
قَالَ: فَكَانَ ثَوْبَانُ تَسْقُطُ عُلاقَةُ سَوْطِهِ فَلا يَأْمُرُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ، وَيَنْزِلُ هُوَ فَيَأْخُذُهَا
1 / 17
٢ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ أَنْ لا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، قَالَ: فَكَانَ يَقَعُ السَّوْطُ مِنْ يَدِهِ، فَيَنْزِلُ فَيَأْخُذُهُ
هَلْ لَكَ فِي بَيْعَةٍ وَلَكَ الْجَنَّةُ؟
٣ - عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «هَلْ لَكَ فِي بَيْعَةٍ وَلَكَ الْجَنَّةُ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، فَبَسَطْتُ يَدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ يَشْتَرِطُ عَلَيَّ: «لا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «وَلا سَوْطَكَ إِنْ سَقَطَ مِنْكَ، حَتَّى تَنْزِلَ فَتَأْخُذَهُ»
٤ - عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «أَلا تُبَايِعُونِي؟» يُرَدِّدُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَرَفَعْنَا أَيْدِيَنَا، فَبَايَعَنَا، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَايَعْنَاكَ، فَعَلامَ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ «وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً» وَأَنْ لا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا ".
قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلَهُ
٥ - عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَمَّا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ، قَالَ: «لا
1 / 18
تَسْأَلْ أَحَدًا شَيْئًا» .
فَكَانَ حَكِيمٌ لا يَسْأَلُ خَادِمَهُ أَنْ يَسْقِيَهُ مَاءً، وَلا يُنَاوِلَهُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ
٦ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَقِي بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ»
الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى
٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: «لأَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ حَبْلا فَيَأْتِيَ رَأْسَ جَبَلٍ فَيَحْتَطِبَ، ثُمَّ يَحْمِلَهُ فَيَبِيعَهُ، فَيَسْتَعِفَّ بِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ، وَذَلِكَ بِأَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»
٨ - عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ هَذَا الْمَالِ، فَقَالَ: «مَا أَنْكَرَ مَسْأَلَتَكَ يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، وَإِنَّهُ أَوْسَاخُ أَيْدِي النَّاسِ، وَإِنَّ يَدَ اللَّهِ فَوْقَ يَدِ الْمُعْطِي، وَيَدَ الْمُعْطِي فَوْقَ يَدَيِ الْمُعْطَى، وَيَدَ الْمُعْطَى أَسْفَلُ الأَيْدِي»
1 / 19
٩ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَي»، فَمَا سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدُ شَيْئًا، فَمَنْ سِوَاهُ
١٠ - عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: بَعَثَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنِ ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتَكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»
1 / 20
فَلَسْتُ أَسْأَلُكَ شَيْئًا، وَلا أَرُدُّ رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللَّهُ تَعَالَى
لا تَرُدَّ مَا رَزَقَكَ اللَّهُ
١١ - عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْمَالِ فَيَقْبَلُهُ، وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا، وَلا أَرُدُّ مَا رَزَقَنِي اللَّهُ تَعَالَى
١٢ - عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، فَقَالَتْ لِلرَّسُولِ ﷺ: إِنِّي لا أَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا، فَلَمَّا خَرَجَ الرَّسُولُ ﷺ، قَالَتْ: رُدُّوهُ، إِنِّي ذَكَرْتُ شَيْئًا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ مَنْ أَعْطَاكِ عَطَاءً مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَاقْبَلِيهِ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ عَرَضَهُ اللَّهُ
1 / 21
لَكِ»
مَا هُوَ قَدْرُ الْغِنَى؟
١٣ - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي وَجْهِهِ كُدُوحٌ، أَوْ خُمُوشٌ، أَوْ خُدُوشٌ» .
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْغِنَى؟ قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ»
١٤ - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ شَيْنٌ فِي وَجْهِهِ»
١٥ - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سُؤَالُ الْفَقِيرِ شَيْنٌ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَسُؤَالُ الْغَنِيِّ نَارٌ فِي وَجْهِهِ، إِنْ أُعْطِيَ قَلِيلا فَقَلِيلٌ، وَإِنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ»
1 / 22
الْمَسْأَلَةُ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ وَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ
١٦ - عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، فَإِنَّمَا هُوَ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ، وَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ»
١٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ مَسْأَلَةً، وَهُوَ عَنْهَا غَنِيٌّ كَانَتْ شَيْنًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
جَزَاءُ مَنْ سَأَلَ النَّاسَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ
١٨ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ، أَوْ عِيَالٍ لا يَطِيقُهُمْ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِوَجْهٍ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ»
١٩ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا، إِنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ»
1 / 23
٢٠ - عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا السُّلْطَانِ فِي أَمْرٍ لا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا»
٢١ - عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْأَلَنِي؟ فَقَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ يَنْزِلَ بِهِ أَمْرٌ لا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا»، قَالَ: فَإِنِّي ذُو سُلْطَانٍ، فَهَلُمَّ حَاجَتَكَ، قَالَ: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ! قَالَ: أَعْطُوهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ
1 / 24
ثَلاثٌ يَجُوزُ لَهُمُ السُّؤَالُ
٢٢ - عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ، قَالَ: تَحَمَّلْتُ بِحِمَالَةٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: " نُؤَدِّيهَا عَنْكَ إِذَا جَاءَتْ نِعَمُ الصَّدَقَةِ، يَا قَبيِصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ حَرُمَتْ إِلا فِي ثَلاثٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حِمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ أَوْ فَاقَةٌ حَتَّى تَكَلَّمَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ سُحْتٌ "
٢٣ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: " إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَصْلُحُ إِلا فِي ثَلاثٍ: فَقْرٌ مُدْقِعٌ، أَوْ دَيْنٌ مُوجِعٌ، أَوْ غُرْمٌ مُفْظِعٌ "
٢٤ - وَقَالَ الزُّبَيْرُ: لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا إِلا عَارِيَةً، أَوْ
1 / 25
ذَا حَاجَةٍ
٢٥ - عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»، قُلْتُ: وَمِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَمِنِّي» .
قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لا آخُذُ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ عَطِيَّةً.
قَالَ: «وَلْيَبْدَأْ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ» .
قَالَ: قُلْتُ: وَمِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَمِنِّي» .
قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لا تَكُونُ يَدِي تَحْتَ يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ بَعْدَكَ مَا حَيِيتُ أَبَدًا.
قَالَ: فَمَا رَزَأَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ شَيْئًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، وَلا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلا عُمَرَ، وَلا عُثْمَانَ حَتَّى مَاتَ ﵁
مِنْ فَضَائِلِ الْمَالِ
٢٦ - عَنْ حَكِيمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ، قَالَ:
1 / 26
عَلَيْكُمْ بِالْمَالِ وَاصْطِنَاعِهِ، فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ، وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ، وَإِيَّاكُمْ وَمَسْأَلَةَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ آخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ
٢٧ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، قَالَ: «مَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ فَاسْتَعِفُّوا»
٢٨ - عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ﵉ فَسَأَلَهُمَا، فَقَالا لَهُ: " إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَصْلُحُ إِلا لِثَلاثَةٍ: لِحَاجَةٍ مُجْحِفَةٍ، أَوْ لِحِمَالَةٍ شَاقَّةٍ، أَوْ دَيْنٍ فَادِحٍ، وَأَعْطَيَاهُ، ثُمَّ أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَأَعْطَاهُ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: أَتَيْتُ ابْنَيْ عَلِيٍّ، وَهُمَا أَصْغَرُ مِنْكَ سِنًّا فَسَأَلانِي، وَقَالا لِي، وَأَنْتَ لَمْ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ؟!، فَقَالَ: جَدُّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِنَّمَا كَانَا يَغُرَّانِ الْعِلْمَ غَرًّا
٢٩ - عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَخِي يُحَدِّثُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
1 / 27
قَالَ: «لا تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّهُ لا يَسْأَلُنِي إِنْسَانٌ، فَتُخْرِجُ لَهُ مِنِّي الْمَسْأَلَةُ شَيْئًا، وَأَنَا كَارِهٌ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ»
٣٠ - عَنِ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ، أَنَّ الْفِرَاسِيَّ، قَالَ: أَسْأَلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لا، وَإِنْ كُنْتَ لا بُدَّ سَائِلا فَسَلِ الصَّالِحِينَ»
- عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ، قَالَ: قَالَ مُوسَى ﵊: " يَا رَبِّ إِنْ نَزَلَتْ بِي حَاجَةٌ فَإِلَى مَنْ؟ قَالَ: إِلَى النُّجَبَاءِ مِنْ خَلْقِي "
٣٢ - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا
1 / 28
أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ، فَكُلْ وَتَصَدَّقْ»
- عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: مَا أَتَاكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَسْأَلَةٍ فَكُلْهُ وَتَمَوَّلْهُ "
٣٤ - عَنْ سَهْلٍ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ الأَنْصَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَهَنَّمَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «مَا يُغَدِّيهِ، أَوْ مَا يُعَشِّيهِ»
1 / 29
٣٥ - عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً وَهُوَ عَنْهَا غَنِيٌّ كَانَتْ شَيْنًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
٣٦ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»
٣٧ - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فَرَدَّهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «لِمَ رَدَدْتَهُ؟»، قَالَ: قُلْتُ: لِمَا حَدَّثْتَنِي، قَالَ: «إِنَّمَا ذَاكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَهَذَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ»، ثُمَّ قَالَ: إِذَا أَتَاكَ شَيْءٌ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى "، فَقَالَ عُمَرُ: لا يَجِيئُنِي شَيْءٌ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَأَرُدُّهُ، وَلا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا
٣٨ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلا فَيَحْتَطِبَ عَلَى رَأْسِهِ، فَيَبِيعَ، وَيَأْكُلَ، وَيَتَصَدَّقَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ»
٣٩ - عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا ﷺ إِذَا أَعْرَابِيٌّ قَدْ أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطْعِمْنِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَخَذَ بِعُضَادَتَيِ الْحُجْرَةِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ تَعْلَمُونَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ
1 / 30
مَا أَعْلَمُ، مَا سَأَلَ رَجُلٌ رَجُلا وَهُوَ يَجِدُ لَيْلَةً تُبِيتُهُ» ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِطَعَامٍ
٤٠ - عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا مَشَى أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئًا»
قَضَاءُ الْحَوَائِجِ بِالْكِتَابِ
- عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: «إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَيَّ حَاجَةٌ فَلا تُكَلِّمْنِي فِيهَا، وَلَكِنِ اكْتُبْهَا فِي رُقْعَةٍ، ثُمَّ ارْفَعْهَا إِلَيَّ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى فِي وَجْهِكَ ذُلَّ الْمَسْأَلَةِ»
- شِعْرٌ:
لا تَحْسَبَنَّ الْمَوْتَ مَوْتَ الْبِلَى ... فَإِنَّمَا الْمَوْتُ سُؤَالُ الرِّجَالِ
كِلاهُمَا مَوْتٌ وَلَكِنَّ ذَا ... أَشَدُّ مِنْ ذَاكَ لِذُلِّ السُّؤَالِ
- وَعَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: اقْعُدْ أُحَدِّثْكَ مَا كَتَبَ إِلَيَّ
1 / 31
خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «يَا أَبَا عِمْرَانَ، إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَارْفَعْ إِلَيَّ، وَلا تَسْأَلْنِي، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى فِي وَجْهِكَ ذُلَّ الْمَسْأَلَةِ»
- وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ! أَقْبَحَ اللَّهُ الْمَعْرُوفَ، إِذَا لَمْ يَكُنِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، فَأَمَّا إِذَا أَتَاكَ تَرَى دَمَهُ فِي وَجْهِهِ، وَمُخَاطِرًا، لا يَدْرِي أَتُعْطِيهِ، أَمْ تَمْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ، لَوْ خَرَّجْتَ لَهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِكَ مَا كَافَأْتَهُ
- وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ فَزَارَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ: «مَا بَذَلَ إِلَيَّ رَجُلٌ
1 / 32
قَطُّ وَجْهَهُ فَرَأَيْتُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا وَإِنْ عَظُمَ لَوَجَدْتُهُ عِوَضًا لِبَذْلِ وَجْهِهِ إِلَيَّ»
- سَأَلَ رَجُلٌ مُحَمَّدَ بْنَ سُوقَةَ حَاجَةً، فَقَالَ: فَهَلا كَتَبْتَهَا؟!!
- كَانَ سَلَمُ بْنُ قَانِعٍ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقًا حَلالا مِنْ غَيْرِ كَدٍّ، وَلا كِبْرٍ، وَلا مَنٍّ مِنْ أَحَدٍ، وَلا عَارٍ فِي الدُّنْيَا، وَلا مَنْقَصَةٍ فِي الآخِرَةِ»
- وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: قَالَ لِي سُفْيَانُ: قَالَ لِي مَنْصُورٌ: «إِنَّ الرَّجُلَ
1 / 33
لَيَسْقِينِي الشَّرْبَةَ مِنَ الْمَاءِ فَيَدُقُّ بِهَا ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِي»
- وَأَنْشَدُوا:
لَبُوسُ ثَوْبَيْنِ بَالِيَيْنِ ... وَطَيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَتَيْنِ
أَهْوَنُ مِنْ مِنَّةٍ لِقَوْمٍ ... أَغُضُّ مِنْهَا جُفُونَ عَيْنِي
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ذَا عِيَالٍ ... قَلِيلَ مَالٍ كَثِيرَ دَيْنِ
لَمُسْتَعِفٌّ بِرِزْقِ رَبِّي ... حَوَائِجِي بَيْنَهُ وَبَيْنِي
نَقْلُ الصُّخُورِ مِنَ الْجِبَالِ أَخَفُّ مِنَ السُّؤَالِ
- غَيْرُهُ:
وَنَقْلُ الصَّخْرِ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ ... أَخَفُّ عَلَيَّ مِنْ مِنَنِ الرِّجَالِ
يَقُولُ النَّاسُ كَسْبٌ فِيهِ عَارٌ ... فَقُلْتُ: الْعَارُ فِي ذُلِّ السُّؤَالِ
- كَانَ أَبُو خِرَاشٍ الْهُذَلِيُّ مِنْ رِجَالِ قَوْمِهِ، فَخَرَجَ فِي سَفَرٍ لَهُ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُصِبْ طَعَامًا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، فَقَالَ: يَا رَبَّةَ الْبَيْتِ، هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَجَاءَتْ بِعُمْرُوسٍ، يَعْنِي حِمْلا مِنَ الْغَنَمِ، وَقَالَتِ: اذْبَحْهُ، فَذَبَحَهُ، ثُمَّ سَلَخَهُ، ثُمَّ حَشَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ، وَلَمَّا وَجَدَ رِيحَ الشِّوَاءِ قَرْقَرَ بَطْنُهُ، قَالَ: وَإِنَّكَ لَتُقَرْقِرُ مِنْ رَائِحَةِ الطَّعَامِ، يَا رَبَّةَ الْبَيْتِ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ صَبْرٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي بَطْنِي، فَأَتَتْهُ بِصَبْرٍ، فَمَلأَ رَاحَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ بَطْنِي تُقَرْقِرُ إِذَا وَجَدَتْ رَائِحَةَ الطَّعَامِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَلْ رَأَيْتَ قَبِيحًا؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، وَلا سُوءًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
وَإِنِّي لأُثْوِي الْجُوعَ حَتَّى يَمَلَّنِي ... حَيَاءً وَلَمْ تَدْنَسْ ثِيَابِي وَلا جِرْمِي
1 / 34
وَأَصْطَبِحُ الْمَاءَ الْقَرَاحَ وَأَلْتَقِي ... إِذَا الزَّادُ أَمْسَى لِلْمُزَلَّجِ ذَا طُعْمِ
أَرُدُّ شُجَاعَ الْجُوعِ كَيْ تَعْلَمِينَهُ ... وَأُوثِرُ غَيْرِي مِنْ عِيَالِكِ بِالأُدْمِ
مَخَافَةَ أَنْ أَحْيَا بِرَغْمٍ وَذِلَّةٍ ... وَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ عَلَى رَغْمِ
رَجُلٌ يَأْبَى الدَّنِيَّةَ
- قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَضَافَ أَعْرَابِيٌّ قَوْمًا، فَحَلَبَ إِبِلَهُ، وَجَعَلَ يَبْدَأُ يَسْقِي الأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ فِي صَحْنٍ لَهُ أَوَّلا، فَأَوَّلا، حَتَّى وَصَلَ إِلَى آخِرِ الْقَوْمِ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَطْمَارٌ لَهُ، فَضَرَبَ الصَّحْنَ بِظَهْرِ كَفِّهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
إِنْ رَأَيْتَ رَدِيَّ الثَّوْبَ مُنْطَرِحًا ... بَالِي الثِّيَابِ عَرَاهُ الْهَمُّ وَالْعُدْمُ
ضَرْبُ صَحْنِكَ إِزْرَاءً بِهَيْئَتِهِ ... وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حَيْثُمَا اقْتَحَمُوا
أُبْدِي وَأُظْهِرُ نَارًا عِنْدَ مَكْرُمَةٍ ... جُنْحَ الْعِشَاءِ إِذَا مَا أَقْبَلَ الْقَتَمُ
فَاصْرِفْ إِنَاءَكَ عَنِّي إِنَّنِي رَجُلٌ ... يَأْبَى الدَّنِيَّةَ مِنِّي الْعِزُّ وَالْكَرَمُ
قَالَ: فَبَاتَ طَاوِيًا، حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ رَحَلَ
- كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ يُنْشِدُ:
أَأُخَيَّ إِنَّ الْحَادِثَاتِ ... عَرَكْنَنِي عَرْكَ الأَدِيمِ
لا تَجْزَعَنْ مِنْ أَنْ رَأَيْتَ ... أَخَاكَ فِي ثَوْبٍ قَدِيمِ
إِذْ كُنَّ أَثْوَابِي بَلِينَ ... وَإِنَّهُنَّ عَلَى كَرِيمِ
مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
٥٤ - عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي فُلانٍ أَغَارُوا
1 / 35
عَلَيَّ، فَذَهَبُوا بِإِبِلِي، وَابْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لَكَذَا وَكَذَا أَهْلُ بَيْتٍ، مَا فِيهِمْ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ فَسَلِ اللَّهَ تَعَالَى» .
فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لَكَ؟ فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: نِعْمَ مَا رَدَّكَ إِلَيْهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ إِبِلَهُ، وَابْنَهُ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَأَمَرَ النَّاسَ بِمَسْأَلَةِ اللَّهِ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ الطلاق ٢ - ٣﴾
- وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: جَاءَنِي طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ بِكَلامٍ مُحَبَّرٍ مِنَ الْقَوْلِ،
1 / 36