إن كانت لديك قضية في محكمة فإن بضائعك وشرفك وحياتك بأكملها تعتمد على تفسير كتاب لم تقرأه أبدا. «روبرت الشيطان»، و«أبناء إيمون الأربعة »، و«خيالات السيد أوفل» هي أيضا كتب؛ لكن الأمر مع الكتب مثله مع البشر تماما؛ قلة قليلة تلعب دورا كبيرا، أما البقية فتضيع وسط الزحام.
من يقود البشر في البلاد المتحضرة؟ من يعرفون القراءة والكتابة. أنت لا تعلم عن أبقراط ولا بورهافا ولا سيدنهام، لكنك تضع جسدك في أيدي أولئك الذين قرءوا لهم. تسلم روحك لأولئك الذين يدفع لهم ليقرءوا الكتاب المقدس، مع أنه لا يوجد بينهم خمسون شخصا قرءوه بمجموعه بعناية.
إلى ذلك الحد تحكم الكتب العالم، حتى إن الذين يصدرون الأوامر اليوم في مدينتي سكوبيوس وكاتوس رغبوا في أن تكون كتب قوانينهم لهم بمفردهم؛ إنه صولجانهم. جعلوها جريمة عظمى أن ينظر رعاياهم إلى الكتب بلا تصريح. في بلاد أخرى كان ممنوعا أن تفكر في الكتابة دون إذن.
هناك أمم يعتبر فيها التفكير محض موضوع للتجارة. تقيم عمليات العقل الإنساني هناك بقدر ما يكتبون.
في بلد آخر، حرية تعبير المرء عن ذاته بالكتب من أهم الامتيازات التي لا يمكن انتهاكها. اطبع ما تشاء محتملا ألم الملل أو ألم العقاب إذا ما أسأت استعمال حقك الطبيعي إساءة بالغة.
قبل اختراع الطباعة الرائع، كانت الكتب نادرة، وأغلى من الأحجار الكريمة. لم تكن ثمة كتب بين الأمم الهمجية حتى عهد شارلمان، ومن عهده حتى عهد الملك الفرنسي شارل الخامس، الملقب ب «الحكيم»، ومن شارل مباشرة حتى فرانسوا الأول، كانت هناك ندرة كبيرة.
العرب وحدهم كانت لديهم كتب منذ القرن الثامن حسب تقويمنا حتى القرن الثالث عشر.
كانت الصين مليئة بها حينما لم نكن نعرف كيف نقرأ أو نكتب.
وظف النساخون بكثرة في الإمبراطورية الرومانية منذ وقت سكيبيو حتى غزو الهمج.
انهمك اليونانيون كثيرا في النسخ حتى وقت أمينتاس وفيليب والإسكندر؛ واصلوا تلك الحرفة خاصة في الإسكندرية.
نامعلوم صفحہ