فقال الملك: «وهل هو فارس مشهود له؟» فقال البارون: «أنت أخبر مني بذلك.»
فقال الملك: «نعم، نحن رأيناه يثبت ثبوت الأبطال؛ لأننا نقف في مقدمة جيوشنا لا لنفتخر بشجاعتنا كما يزعم البعض، بل لنرى كيف يحارب رجالنا ونشجعهم على الثبات، وقد رأينا هذا الفارس وسرنا بأسه وإقدامه، ولكننا لم نغفل عن كبريائه واعتداده بنفسه.»
فقال البارون: «وأنا أرجو منك العفو؛ لأنني جاريته اليوم على كبريائه.» فعبس الملك وقال له: «وكيف ذلك؟»
فقال البارون: «يحق لي بمقتضى وظيفتي أن أسمح لمن كان شريف النسب أن يقتني كلبا أو كلبين من كلاب الصيد، وعند هذا الرجل كلب لا يجوز التفريط فيه، ولم أر أحسن منه خلقا، فإنه كبير الجسم أسود اللون مجدول العضل يسبق الظبي ويصرع الثور.»
فضحك الملك وقال له: «الظاهر أنك سمحت له باقتنائه، فحسنا فعلت، ولكن لا تطلق يدك في السماح لغيره؛ لأن هؤلاء الأمراء كثار فلا يبقون لنا صيدا. أما من جهة الحكيم فهل صادفه هذا الاسكتسي في القفر؟» فقال البارون: «كلا، بل إن الاسكتسي كان مرسلا إلى ناسك عين جدي.»
فرفع الملك رأسه وقال: «من تجاسر أن يرسله إلى عين جدي، والملكة قد ذهبت إلى الدير الذي هناك؟!»
فقال البارون: «مجمع الملوك أرسله وهو لم يشأ أن يخبرني عن الغرض من ذهابه، أما ذهاب الملكة فالأرجح أن الملوك لا يعرفون شيئا عنه.»
فقال الملك: «وأين التقى بهذا الحكيم؟»
فقال: «أخبرني أنه التقى بأمير عربي في الطريق فتبارزا، ثم تصالحا وذهبا معا إلى عين جدي، وهنالك علم الأمير بمرض الملك، فمضى إلى صلاح الدين وأخبره بالأمر، فبعث بهذا الحكيم وشيعه بموكب عظيم كأنه من الأمراء الكبار، وبعث معه رسالة ودية وقد ترجمها لنا الترجمان وها هي.»
فأخذها الملك وقرأها فإذا هو يقول فيها:
نامعلوم صفحہ