190 - آباء وأمهات لم يلدوا
* أبو المنصور الثعالبي في ((ثمار القلوب في المضاف والمنسوب)):
يقال: أبو مرة هو إبليس، وأبو يحيى وهو قابض الأرواح، وأبو دثار للكلة التي يتوقى بها من البعوض، وأبو رياح لتمثال فارس من نحاس بمدينة حمص على عمود حديد فوق قبة كبيرة بباب الجامع، يدور مع الريح حيث هبت، ويمينه ممدودة، وأصابعها مضمومة إلا السبابة، فإذا أشكل على أهل حمص مهب الريح عرفوا بأبي رياح، وقد يقال للرجل الطائش الذي لا ثبات له: أبو رياح تشبيها به.
ويقال: أبو مالك كناية عن الجوع والكبر. قال الشاعر:
أبو مالك يعتادنا في الظهائر يلم فيلقي رحله عند جابر
والعرب تسمي الخبز جابرا وعاصما وعامرا، وإنما سمي الكبر بهذه الكنية لأنه يملك الرجل فيلزمه ولا يفارقه.
ويقال: أم القرى للنار، وأم النجوم للمجرة، وأم خنور للدنيا وهي كنية الضبع، وأم الطعام للحنطة، وأم عامر للضبع، وأم عوف للجرادة، وأم طلحة للقملة، وأم ملدم للحمى، مأخوذة من الدم وهو ضرب الوجه حتى يحمر، وأم الخل للخمر، وأم عبيد للمغارة، وأم شملة للشمس، لأنها تشمل الخلق بطلوعها، وأم جابر للسنبلة، وأم الندامة للعجلة، وأم الفضائل للعلم، وأم الرذائل للجهل.
191 - أسقط ثلاثة أرباع الكلام
* ابن قتيبة في ((عيون الأخبار)):
كان إبراهيم بن المهدي يطيل السكوت، فإذا تكلم انبسط، فقيل له ذات يوم: لو تكلمت؟ فقال: الكلام على أربعة وجوه: فمنه كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته، فالفضل منه السلامة. ومنه كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته، فأقل مالك في تركه خفة المؤونة على بدنك ولسانك. ومنه كلام لا ترجو منفعته وتخشى عاقبته، وهذا هو الداء العضال. ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته، فهذا الذي يجب عليك نشره.
قال: فإذا هو قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام.
192 - ذكاء وبخل
* الجاحظ في ((البخلاء)):
قال رجل لثمامة بن أشرس: إن لي إليك حاجة. قال: وأنا لي إليك حاجة، قال: وما حاجتك إلي؟ قال: لا أذكرها حتى تضمن قضاءها. قال: قد فعلت، قال: فإن حاجتي إليك ألا تسألني حاجة، فانصرف الرجل عنه.
193 - فائدة إسناد الحديث في عصرنا
* الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح في ((مقدمته)):
اعلم أن الرواية بالأسانيد المتصلة ليس المقصود منها في عصرنا (577 - 643) وكثير من الأعصار قبله إثبات ما يروى، إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يدري ما يرويه ولا يضبط في كتابه ضبطا يصلح لأن يعتمد عليه في ثبوته؛ وإنما المقصود بها إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة زادها الله كرامة؛ وإذا كان كذلك، فسبيل من أراد الاحتجاج بحديث من ((صحيح مسلم)) وأشباهه، أن ينقله من اصل مقابل على يدي ثقتين بأصول صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة.
وتعقبه النووي بأن كلام الشيخ هذا محمول على الاستحباب والاستظهار، وإلا فلا يشترط تعداد الأصول والروايات، فإن الأصل الصحيح المعتمد يكفي.
أقول: وكتب السنة المشهورة المطبوعة المتداولة في أيدي أهل العلم اليوم يصح الاعتماد عليها لأنها طبعت على أصل أو أصول صحيحة موثوقة.
صفحہ 52