قاہرہ
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
اصناف
ولهذا النمو الهائل بطبيعة الحال ميزة توافر الطاقة البشرية، وتركز الخدمات لإمكانات المدينة الكبرى، لكن له نتائج وعواقب وخيمة إن لم تتدارك في الوقت المناسب. أوضح هذه العواقب ظهور مشكلة المواصلات المعقدة، وختامها أن يصبح توفير مياه الشرب لهذا العدد المتزايد من سكان القاهرة مشكلة خطيرة كما يحدث في المدن الكبرى، مثل: طوكيو. ولا يجب أن ننظر إلى النيل على أنه مورد ماء لا نهاية له، فالوقت قريب ذلك الذي سوف يخطط فيه لاستخدام كل قطرة من مياه النيل للزراعة والصناعة واحتياجات الناس في المدن والقرى تخطيطا قد يؤدي إلى تقليل المياه المستخدمة بالمنازل إذا تزايد السكان عن ذلك كثيرا، وهذه مشكلة لها خطورتها وحيويتها في بلاد حارة معظم السنة.
شكل 1-1:
نمو القاهرة حتى القرن الثامن عشر. (2) أين نمت القاهرة؟
المكان الأرضي الذي نشأت عليه القاهرة منذ إنشاء الفسطاط في منتصف القرن السابع وإلى أوائل القرن العشرين، كان عبارة عن مستطيل يستدق طرفه الجنوبي عند مصر القديمة، ويستعرض كثيرا في اتجاه الشمال من شبرا إلى العباسية. هذا النطاق كان محكوما بعنصرين طبيعيين، أولهما: مسار النيل، والثاني: منحدرات الهضبة الشرقية: طره والمقطم والجبل الأحمر.
شكل 1-2:
الأوضاع الطبيعية والعمرانية في منطقة القاهرة منذ عشرة آلاف سنة. (2-1) النيل والقاهرة
اتسم مسار نهر النيل في منطقة القاهرة الكبرى بعدم الثبات وتغيير المكان طوال أكثر من ألف عام. فقد ظل النيل يهاجر غربا من مجراه، كان يسير من منطقة مصر القديمة إلى منطقة باب الحديد وشبرا الحالية إلى أن وصل مساره الحالي، وثبت عليه بواسطة الجهود البشرية في تجسير ضفافه إلى نحو ما نعرفه الآن. توضح الخريطة
1-2
بعض المقترحات المستندة إلى أدلة علمية وتاريخية أن النيل في المنطقة كان يسير في عدة أقواس ومنحنيات شأنه في ذلك شأن الأنهار في مجاريها الدنيا حينما يضعف التيار، وتقل المناسيب في السهول، فينعرج النهر كلما صادفته أقل العوائق شأنا، ويزيد انعراجا ويترك مساره إلى مسار آخر نتيجة الإرساب والإطماء والنحت البطيء، وقد كان بروز حافة طرة الهضبية سببا دفع مسار النيل غربا إلى قرب نهاية الوادي الفيضي، عند هضبة أهرامات الجيزة في قوس كبير يتجه بعد ذلك إلى الشرق والشمال الشرقي عند حافة المقطم، فيرتد صوب الشمال في ثنية كبيرة عند الجبل الأحمر، ومن ثم يتخذ مسارا شرقي المسار الحالي في منطقة شبرا، وفي هذا القوس ربما بدأ تفرع الدلتا بخروج الفرع البيلوزي صوب الشمال الشرقي، تلاه بعد مسافة مكانية وفترة زمنية تفرع فروع الدلتا الأخرى عند جزيرة الوراق. ثم تحركت قمة الدلتا شمالا إلى باسوس، وثبتت شمالها حيث هي الآن بواسطة المجهودات الهندسية التي تمثل القناطر الخيرية آخرها.
والملاحظ من هذا الوصف العام أن مسار النهر كان يقترب من مدينة «منف» عاصمة مصر الأولى ومن أهرام الجيزة ومن مدينة «أون» الجامعية (هليوبوليس القديمة). وبدون شك فإن «منف» كان لا يمكن أن تقوم بعيدا عن النهر، فالحضارة المصرية في مجموعها ومشتمل كينونتها حضارة نهرية، والنيل في مصر ظل الطريق الأساسي للحركة والانتقال - أشخاصا وسلعا - عبر آلاف السنين . وكان للعاصمة «منف» أفضلية المكان المنفتح على الدلتا والصعيد بعد توحيد مصر، مقارنة بأبيدوس - في سوهاج - عاصمة الملك نارمر موحد القطرين، وبالمثل فإن جامعة «أون» كانت تقع على النهر، أو على الأقل عند بداية الفرع البيلوزي، كوسيلة انتقال سهلة للطلاب والكهان والملوك.
نامعلوم صفحہ