قاہرہ
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
اصناف
وفي أغلب الأحيان يوجد كتاب فوق السبيل ؛ لتحفيظ القرآن، وتعليم القراءة والكتابة، ومبادئ الحساب، ويعجب كتاب «وصف مصر» الفرنسيون بطريقة التعليم الجماعي في الكتاتيب واستخدام اللوح والطباشير مقابل منهج التعليم الفردي المتبع في فرنسا وكثرة استخدام الورق. كما أن أجر معلم الكتاب كان على قدر الأسر وليس ثابتا، مما كان يسمح بديمقراطية التعليم بدون تمييز لأبناء أسر غنية أو فقيرة. وكان في القاهرة آنذاك 34 كتابا فضلا عن مدارس أولية للمسيحيين لا تبتعد كثيرا عن منهج التدريس السائد. ولكننا الآن قد بعدنا عن التعليم الجماعي، وربما كان هذا سببا في الضعف اللغوي الملحوظ، وليس هذا بدعوة إلى نظام الكتاتيب، لكنه آن الأوان أن نقف برهة لتكييف نظام التعليم مع المستحدثات الجديدة، وبخاصة الكمبيوتر، مع المحافظة على سلامة اللغة؛ لأنها الوسيلة الوحيدة للتعلم والتفاهم والتقاضي والأدب، وكل شيء يقع في الحياة بماضيها وحاضرها. (3-7) القاهرة منذ إسماعيل
اختلفت القاهرة أيام الخديو إسماعيل كثيرا عما سبق من أنماط. صحيح أن مقدمات الاختلاف ترجع إلى عصر محمد علي وإبراهيم ببناء قصور: شبرا والقبة والقصر العالي (قصر الدوبارة)، وأيام عباس حلمي الأول: العباسية، وسعيد: شبرا، ولكن الدفعة الكبرى كانت في عصر إسماعيل، وكانت هناك أسباب كثيرة نذكر من أهمها ما يلي:
48 (1)
انتقال إسماعيل من القلعة إلى قصر عابدين، وهو تغير مرتبط بأفكار إسماعيل التحديثية للانتقال من نمط الدولة الشرقية إلى نمط الدولة الغربية، أي خروج الحكم من الحصن المغلق إلى الملأ المفتوح المتفاعل مع المدينة. (2)
مع انتقال الحكم إلى عابدين حدثت طفرة عمرانية في القسم الغربي من المدينة بدلا من التزاحم الكثيف في القسم الشرقي، كما أسلفنا في الفصل
الأول
من هذا الكتاب. (3)
زاد إسماعيل النمو الغربي للقاهرة بتخطيط وبناء حي جديد متكامل سمي: الإسماعيلية، وهو وسط البلد الآن، وتلاه توفيق بحي التوفيقية إلى الشمال من الإسماعيلية. وحيث إن الإسماعيلية قد بنيت على الطراز الغربي، فقد أصبح لدينا في القاهرة طرازان من العمران والمعمار: الشرقي القديم والغربي الحديث، واستمرت هذه الازدواجية فترة طويلة، لكن المعمار الحديث كانت له الغلبة في نهاية المطاف، وذلك لمقتضيات الحياة العصرية. (4)
مما لا شك فيه أن تحسن الأحوال المالية المصرية، وبخاصة سوق القطن المصري في العالم الخارجي بعد اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية وتدهور صادراتها القطنية فترة لا بأس بها، قد أعطى إحساسا ملموسا بالرخاء العام في مصر، ويضاف إلى ذلك تدرج عائدات مصر من مرور السفن في قناة السويس.
وهذه كلها أسباب أدت إلى طفرة كبيرة في تعمير غرب القاهرة من الإسماعيلية والتوفيقية شمالا إلى حي الدواوين حول لاظ أوغلي وقصور المنيرة جنوبا في نظام شبكي واضح المعالم، ونمط حياتي أخذ في الاختلاف عن النمط التقليدي كما نراه من الشكل التالي:
نامعلوم صفحہ