* البرهان الرابع
إن الإنسان لا يقصد إلا تحصيل العلم. فلما حصل الجهل ، كان حصوله على خلاف قصده واختياره. فوجب أن يكون من غيره.
فإن قالوا : ذلك لأنه اشتبه عليه هذا الجهل بالعلم. فنقول : فهو إنما اختار ذلك الجهل ، لتقدم جهل آخر. ولا بد وأن تنتهي تلك الجهالات إلى الجهل الأول ، الواقع بخلق الله.
وهو المطلوب
* البرهان الخامس
إن الناس تحيروا في ماهية العلم وفي موضعه (1). أما حيرتهم في ماهية العلم. فلأن
قالت المعتزلة العلم هو الاعتقاد المقتضي سكون النفس وربما قالوا : العلم ما يقتضي سكون النفس ... قالت الفلاسفة : العلم صورة حاصلة في النفس مطابقة للمعلوم وفي هذا التعريف عيوب ... ولما ثبت أن التعريفات التي ذكرها الناس باطلة فاعلم أن العجز عن التعريف قد يكون لخفاء المطلوب جدا. وقد يكون لبلوغه في الجلاء إلى حيث لا يوجد شيء أعرف منه ليجعل معرفا له والعجز عن تعريف العلم لهذا الباب. والحق أن ماهية العلم متصورة تصورا بديهيا جليا فلا حاجة في معرفته إلى معرف. والدليل عليه أن كل أحد يعلم بالضرورة أنه يعلم وجود نفسه وأنه يعلم أنه ليس على السماء ولا في لجة البحر والعلم الضروري بكونه عالما بهذه الأشياء علم باتصاف ذاته بهذه العلوم والعالم بانتساب شيء إلى شيء عالم لا محالة بكلا الطرفين. فلما كان العلم الضروري بهذه المنسوبية حاصلا كان العلم الضروري بماهية العلم حاصلا وإذا كان كذلك كان تعريفه ممتنعا» (التفسير الكبير 2 / 201 203). وقال في «محصل أفكار المتقدمين» : اختلفوا في حد العلم. وعندي أن تصوره بديهي» (ص 144). وكذا في «معالم أصول الدين» : اختلف الناس في حد العلم والمختار عندنا أنه غني عن التعريف» (ص 22) وكذا في «المباحث المشرقية» (1 / 331). وللقدماء في تعريف العلم عبارات مختلفة ذكر الرازي في تفسيره بعضها.
وعرفه الإيجي بأنه صفة توجب لمحلها تمييزا بين المعاني لا يحتمل النقيض» المواقف (9 11). وقال الجرجاني في «التعريفات» : «العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع وقيل هو زوال الخفاء من المعلوم والجهل نقيضه. وقيل صفة راسخة تدرك بها الكليات والجزئيات. وقيل : العلم وصول النفس إلى معنى الشيء. وقيل عبارة عن إضافة مخصوصة بين العقل والعاقل. وقيل : عبارة عن صفة ذات صفة. وقيل : ما وضع لشيء وهو العلم القصدي أو غلب وهو العلم الاتفاقي الذي يصير علما لا بوضع واضع بل بكثرة الاستعمال. مع الإضافة أو اللازم لشيء بعينه خارجا أو ذهنا
صفحہ 101