العلم بالنسبة ، مسبوق بالعلم بكل الماهية الفلانية هي التي يلزمها اللازم الفلاني. فهذا لا يفيد العلم بخصوصية تلك الماهية. فإن بهذا القدر لا نعرف أن تلك الماهية أمرا ما ، مجهول الحقيقة. إلا أنه عرف منها ، أنه يلزمها اللازم الفلاني. ومن راجع نفسه ، علم أن الأمر كما ذكرناه.
وأما القسم الرابع : وهو أنا نتعرف الماهية لمجموع هذه الأقسام. فهذا أيضا باطل. لأنا لما بينا أنه يمتنع أن يكون الواحد من هذه الأقسام داخل في التأثير ، امتنع أن يكون المجموع المركب منها في هذا الباب. فهذان البرهانان قاطعان في أنه لا يمكن اكتساب شيء من التصورات ، بل إن حصل شيء منها في الذهن ، فقد حصل ، وإلا فلا سبيل إلى اكتسابه.
الوجه الثالث في بيان أن الأمر كما ذكرناه : هو أنا إذا رجعنا إلى أنفسنا ، علمنا أنه لا يمكننا أن نتصور أمرا من الأمور ، إلا التصورات ، التي أدركناها بأحد الحواس الخمس ، أو التصورات التي وجدناها من أنفسنا. كعلمنا بالألم واللذة. والفرح والغم ، وأشباهها. أو ما يركبه العقل أو الخيال من أحد هذه الأمور. فأما أن نتصور أمرا وراء هذه الأقسام. فلا سبيل لنا البتة إليه. وهذا المعنى معلوم بالبديهة عند اعتبار أحوال النفس.
فثبت بهذه الوجوه الثلاثة : أن شيئا من التصورات غير مكتسب.
وأما أن شيئا من التصديقات غير مكتسب (1). فيدل عليه أيضا وجوه :
الأول : إن كل تصديق ، فلا بد فيه من تصورين.
أحدهما : تصور الموضوع. والآخر : تصور المحمول (2). إذا عرفت هذا فنقول : إما أن يكون مجرد حضور هذين التصورين في الذهن ، مستقلا بإيجاب أن يحكم الذهن بذلك التصديق ، أو لا يكون. والأول : هو البديهيات. والثاني : هو النظريات. مثال الأول : إنا إذا تصورنا أن الواحد ما هو؟ وتصورنا أن نصف الاثنين ما هو؟ فمجرد حضور هذين التصورين في الذهن ، يوجب جزم الذهن بأن الواحد نصف الاثنين. فهذا هو البديهي. ومثال الثاني إنا إذا تصورنا : أن العالم ما هو؟ وأن الحادث ما هو؟ لم يكن مجرد حضور هذين التصورين ، موجبا جزم الذهن بأن العالم حادث ، أو ليس بحادث.
إذا عرفت هذا فنقول : أما التصديقات البديهية ، فشيء منها غير مكتسب. لأن ذينك
صفحہ 98