* البرهان الثاني على هذا المطلوب
إن العلم إما تصور ، وإما تصديق (1).
وذلك لأنا إذا أدركنا أمرا من الأمور ، فإما أن نحكم عليه بحكم وإما أن لا نحكم عليه بحكم. فإن لم نحكم عليه بحكم ، فذاك هو التصور ، وإن حكمنا عليه بحكم ، فذاك هو التصديق. إذا عرفت هذا الحصر. فنقول : إنه لا يمكن اكتساب شيء من التصورات (2). ويدل عليه وجوه :
الأول : إنا إذا حاولنا اكتساب شيء آخر من التصورات فحال ما نحاول ذلك الاكتساب ، إما أن يكون لنا شعور بماهية ذلك المطلوب ، أو لا يكون لنا به شعور ، فإن كان لنا به شعور فحينئذ يكون تصوره حاضرا عندنا. والحاصل لا يمكن تحصيله. وإن لم يكن لنا به شعور ، كان الذهن غافلا عنه. والغافل عن الشيء يمتنع أن يكون طالبا له.
فإن قالوا : لم لا يجوز أن يكون ذلك الأمر ، مشعورا به من وجه دون وجه ، فلأجل أنه
الفرقة الأولى : المعترفون بالحسيات والبديهيات وهم الأكثرون ...
الفرقة الثانية : القادحون في الحسيات فقط فزعم أفلاطون وأرسطاطاليس وبطليموس وجالينوس أن اليقينيات هي المعقولات لا المحسوسات ...
الفرقة الثالثة : الذين يعترفون بالحسيات ويقدحون في البديهيات.
الفرقة الرابعة : السوفسطائية (25 55). ويقول في موضع آخر : «العلوم كلها ضرورية لأنها إما ضرورية ابتداء أو لازمة عنها لزوما ضروريا» (ص 148).
أما في «معالم أصول الدين» فيقول : «كل واحد من التصور والتصديق قد يكون بديهيا وقد يكون كسبيا» ويقول : «لا بد من الاعتراف بوجود تصورات وتصديقات بديهية» (ص 21 22). وفي «التفسير الكبير» يذكر الرازي أن «التصديقات بأسرها غير كسبية» (2 / 165) ويقول في «الأربعين في أصول الدين» : «إن شيئا من التصورات غير مكتسب فشيء من التصديقات البديهية غير مكتسب» (ص 235) (عن فخر الدين الرازي ص 495). وقد سبق الرازي إلى هذا القول جماعة مثل : صالح والجاحظ وثمامة بن الأشرس وبعض الروافض (راجع أصول الدين للبغدادي ص 31 ، والتبصير 74 و75 ، والملل والنحل 1 / 71 و75 ، واعتقادات الرازي ص 44).
صفحہ 96