حصل؟ فإن كان ذلك لتقدم جهل آخر ، لزم التسلسل. وإن كان ذلك لأنه اختار الجهل وارتضاه لنفسه ابتداء. فهذا محال. فلم يبق إلا أن يقال : الجهالات تترقى إلى جهل أول ، خلقه الله تعالى في العبد ابتداء. وذلك هو المطلوب.
الوجه الثاني : أن من أنصف : علم أنه لا اختيار للعبد البتة في حصول الجهل له وذلك لأنه ما لم يترتب في ذهنه مقدمات موجبة لهذا الجهل ، لم يحصل في قلبه هذا الجهل. ثم الكلام في تلك المقدمات كما في هذه النتيجة. فتلك الجهالات لا بد أن تترقى إلى جهل أول وقع في قلبه. لا بسعي منه ، ولا بطلب لحصول ذلك الجهل الأول في قلبه ، وتأدى ذلك الجهل إلى سائر الجهالات اللازمة منه : ليس أيضا بسعيه ولا باختياره. فثبت : أن جميع الجهالات إنما تحصل في العبد على سبيل الاضطرار ، ولا على سبيل الاختيار.
وبالله التوفيق
صفحہ 94