فعل ، وجب أن يكون قادرا عليه : لزم القطع بكون الله تعالى قادرا على مقدور العبد.
الحجة السابعة : قادرية الله تعالى ، أكمل من قادرية العبد ، فإذا لم يمتنع تعلق قادرية العبد بذلك المقدور ، مع كون تلك القادرية ناقصة ، فبأن لا يمتنع ذلك في قادرية الله تعالى ، مع كونها كاملة ، كان أولى.
الحجة الثامنة : لو لم يكن مقدور العبد ، مقدورا لله تعالى. لزم تناهي مقدورات الله تعالى. لأن جملة مقدورات الله تعالى ، بدون مقدورات العباد : أقل من مجموع مقدورات الله تعالى مع مقدورات العباد. وكل ما كان أقل من غيره كان متناهيا. فلو لم تكن مقدورات العباد ، مقدورة لله تعالى. لزم أن يقال : مقدورات الله تعالى متناهية. ولما كان اللازم باطلا ، كان الملزوم أيضا باطلا.
وهذه الوجوه الثلاثة الأخيرة فيها إيجاب.
وأما المقدمة الثانية : فهي في بيان أن كل ما كان مقدورا لله تعالى ، فعند وقوعه يجب أن يكون وقوعه بقدرة الله تعالى.
وتقريره من وجهين :
الأول : إن العبد إذا قصد إلى إيجاد مقدوره ، والله تعالى أيضا قصد إلى إيجاده في ذلك الوقت. فإما أن يقع ذلك الفعل أو لا يقع. والقسمان باطلان ، فما أدى إليه يكون باطلا. إنما قلنا : إنه يمتنع وقوعه. لأنه لو وقع. لوقع إما بإحدى القدرتين ، وإما بكل واحدة منهما. لا يجوز أن يقع بإحدى القدرتين ، لأن كل واحدة من هاتين القدرتين ، لما فرضنا كونها مستقلة بالإيجاد ، لم يكن وقوع هذا الفعل بإحدى هاتين القدرتين أولى من وقوعه بالثانية. لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : إن قدرة الله تعالى ، أقوى من قدرة العبد. فكان وقوع ذلك المقدور بقدرة الله تعالى أولى؟ لأنا نقول : حصول الجوهر الواحد ، في الحيز الواحد ، في الزمان الواحد ، لا يقبل الأشد والأضعف ، والأقل والأكثر. وإذا لم يكن ذلك الفعل قابلا للتفاوت ، امتنع أن يكون التأثير في إيجاده قابلا للتفاوت. وإذا كان التأثير فيه غير قابل للتفاوت ، امتنع أن يقال : إن قدرة الله أولى بالتأثير من قدرة العبد. نعم قدرة العبد لا تتعلق إلا بهذا المقدور ، وقدرة الله تعالى متعلقة بها وبسائر المقدورات. إلا أن التفاوت بين قدرة الله وبين قدرة العبد ، إذا ظهر بالنسبة إلى هذا المقدور الواحد. فإنه لا يقبل التفاوت. فثبت بما ذكرنا : أنه يمتنع أن يقال : إن ذلك المقدور يقع بإحدى القدرتين دون الثانية. وأما القول بأن ذلك المقدور يحصل بكل واحدة من هاتين القدرتين. فهذا أيضا محال. لأن الأثر مع المؤثر المستقل التام ، يكون واجب الحصول ، وكونه واجب الحصول ، يمنعه من الاستناد إلى الغير والافتقار إلى الغير فلو اجتمع على هذا المقدور الواحد : قادران مستقلان بالتأثير ، كان ذلك المقدور لكونه مع هذا القادر : واجب الحصول. ووجوب حصوله به ، يمنعه من الاستناد إلى القادر الثاني ، وكونه مع القادر الثاني ، يمنعه من
صفحہ 81