الجسم ، وعلى خلق الحياة ، وإنما قلنا : إنه لا يجوز أن يكون قادرا لذاته ، لأن ذلك القادر لا بد وأن يكون جسما والأجسام متماثلة فلو كان الجسم قادرا لذاته ، لكان كل جسم كذلك. ضرورة أن حكم الشيء حكم مثله. ولما بطل هذا ، علمنا : أنه لا يجوز أن يكون قادرا لذاته.
وإنما قلنا : إنه لا يجوز أن يكون قادرا بالقدرة. لأن القدرة لا تصلح بفعل الجسم. ويدل عليه وجهان :
الأول : إن القدرة التي لنا ، لا تصلح لفعل الأجسام ، فهذا الامتناع حكم مشترك فيه بين القدرة التي لنا. والحكم مشترك لا بد من تعليله بوصف مشترك فيه. وما ذاك إلا كونها قدرا. فثبت : أن كون القدرة قدرة : مانعة من صلاحية إيجاد الجسم. فوجب أن تكون كل قدرة كذلك.
الثاني : إن كل قدرة نفرضها. فهي إما أن تكون مثلا لهذه القدرة الحاصلة لنا ، أو مخالفا لها. فإن كانت مثلا لهذه القدرة ، وجب أن لا تكون صالحة للإيجاد. كما أن هذه القدرة غير صالحة للإيجاد. ضرورة أن حكم الشيء حكم مثله. وإن كانت مخالفة لهذه القدرة ، لم تكن مخالفتها لهذه القدرة أشد من مخالفة بعض هذه القدر لبعض. فلما كانت هذه القدر مع كون بعضها مخالفا للبعض ، لا يصلح للإيجاد. فكذلك تلك القدرة المفروضة ، وجب أن لا تصلح للإيجاد.
هذا حاصل ما لخصه القوم ، وعولوا عليه ، في أن فاعل المعجزات هو الله تعالى. وهو كلام في غاية الرخاوة والسقوط. فنقول : لم لا يجوز أن يكون ذلك الفاعل قادرا لذاته لكان كل جسم كذلك. ضرورة أن الأجسام متماثلة» لكنا لا نسلم أن ذلك الفاعل يجب أن يكون جسما. وذلك لأن الفلاسفة يثبتون موجودات لست متحيزة ولا حالة في المتحيز كالعقول والنفوس الفلكية ، والنفوس الناطقة. فما لم تقيموا الدلالة على فساد هذا التقسيم ، لا ندرك الجزم بأن ذلك الفاعل ، يجب أن يكون جسما.
والمتكلمون ما ذكروا في إبطال هذا القسم كلاما يصلح أن يلتفت إليه بل نقول : لم لا يجوز أن تكون النفس الناطقة التي لهذا الشيء ، هي التي أحدثت هذا المعجز. وما كانت نفسه مخالفة لسائر النفوس في الماهية ، لم يلزم من قدرته على تلك الأفعال قدرة غيرة عليها؟.
وبالجملة : فهذا الاحتمال لا يندفع إلا بإقامة الدلالة على أن كل ما سوى الله تعالى ، فهو إما متحيز ، أو حال فيه.
سلمنا : أن ذلك الفاعل يجب أن يكون جسما. فلم قلتم : إن الأجسام كلها متماثلة؟ وما الدلالة على ذلك؟ وتقريره : إن المعلوم : هو أن الأجسام متساوية في وجوب الحصول في الحيز ، وفي كونها بحيث يمنع غيرها عن أن يحصل بحيث هو ، وفي كونها قابلة للأعراض. إلا
صفحہ 72