فان قلت إن ظاهر الرواية حسبما هو قضية العطف بالواو هو اعتبار جميع الأوصاف الثلاثة فلا بد بناء عليه ان نقول باشتراط كون الحاكم راويا أيضا وهذا الشرط خلاف الاجماع في زماننا وأشباهه فلا بد من أن نقول بكونها واردة في حق الرواة فلا تدل على جواز حكومة المجتهد أيضا.
قلت أولا ان المراد من راوي الحديث كونه محتملا له وإن لم ينقله لغيره ومعلوم ان المجتهدين في زماننا أيضا متحملون للأحاديث وثانيا ان ذكر وصف الرواية (روى خ) ليس من جهة اعتباره في الحاكم بل من جهة عدم تحقق العالم بالحكم في تلك الأزمنة الا بهذا الوصف فاعتباره من جهة عدم الانفكاك بينه وبين العالم دائما أو غالبا فيكون القيد واردا مورد الغالب.
فان قلت هب ان المراد بالعارف بالحكم في المقبولة هو من عرفه بالاجتهاد لكنه لا يدل على نفيه من غيره لعدم المفهوم للقيد واللقب فيكون المقبولة مع المشهورة من قبيل المطلق والمقيد المثبتين فلا داعي لحمل المشهورة على المقبولة والقول بان المراد منها هو المجتهد لما تقرر في مسألة المطلق والمقيد من أن الشرط في حمل المطلق على المقيد هو ثبوت التنافي بينهما ولا تنافي في المثبتين كما لا يخفى فبقي المشهورة باطلاقها شاملة للمجتهد والمقلد فتعين الرجوع إليها.
قلت ما ذكرته من أن القيد لا مفهوم له كلام متين لكنه من المقرر في محله أيضا انه لو كان القيد واللقب في مقام التحديد يكون له مفهوم قطعا لان القيود في التحديدات لا بد أن تكون احترازية والا لما صح الطرد والمنع فوقوعه في مقام التحديد قرينة على كون المراد منه المفهوم والا لاختل الغرض المسوق له القيد ومعلوم ان الإمام عليه السلام في مقام تحديد من يجب الرجوع إليه من الشيعة فلا يمكن ان يق بان ما يذكره من القيد لا مفهوم له بل لا بد من أن يق ما ان ما يذكره من القيود احترازية فظهر بما ذكرنا فساد ما توهمه بعض من أن المقبولة مع المشهورة من المثبتين فلا قاضي بحمل إحديهما على الأخرى وان كانتا من المطلق والمقيد وجه الفساد انه قد تقرر في محله وجوب حمل المطلق على المقيد فيما ثبت فيه اتحاد المكلف به وقد عرفت مما ذكرنا من كون الإمام عليه السلام في مقام تحديد المرجع ان المرجع إما مطلق العالم على ما هو مدلول المشهورة أو خصوص المجتهد كما هو مدلول المقبولة ولا يمكن ان يكون المعين للمرجعية هو مطلق العالم باطلاقه وخصوص فرد منه بخصوصه فلا بد من حمل المطلق على المقيد حسبما هو المقرر في محله فكما انه لو علم باتحاد التكليف في قوله أعتق رقبة واعتق رقبة مؤمنة لا بد من حمل المطلق على المقيد لان وجوب عتق الرقبة المؤمنة تعيينا حسبما هو ظاهر الامر به ينافي وجوب عتق الرقبة مطلقا فكذا في ما نحن فيه بعد العلم بان الإمام (عليه السلام) في مقام تحديد المرجع فبعد العلم باتحاد المرجع لا بد من حمل المطلق في المشهورة على المقيد في المقبولة كما لا يخفى.
ثم إن في المقبولة دلالة واضحة على ما انعقد عليه الاجماع من عدم جواز نقض حكم الحاكم ووجوب الامضاء عليه من جهات عديدة إحديها ايجاب الرجوع إلى من كان جامعا للصفات المذكورة في الرواية فإنه يدل على حكومة إلزام الحاكم على ما هو مقتضى تكليف المحكوم عليه ثانيتها قوله (عليه السلام) بعد ذلك فليرضوا به حاكما فاني قد جعلته عليكم حاكما وفيه دلالة ظاهرة على عدم جواز النقض سيما بملاحظة التعليل ولفظة عليكم ثالثتها تصريح الإمام (عليه السلام) بعد حكمه بعم جواز النقض بان الراد على الخ هذا.
وهنا دقيقة يجب التنبيه عليها وهي ان مقتضى نفس القضاء والحكم بعدما جعله الإمام (عليه السلام) حاكما مع قطع النظر عن شئ آخر هو عدم جواز نقضه لأنه بعدما انفصل الامر بفصل الحاكم كيف يجوز الوصل بل لا يعقل الوصل
صفحہ 11