الجاهل (١)، فمنهم من يحب شخًا فيتزيّا في صورته ويقول: أنا فلان. ويكون ذلك في برِّية ومكان قفر فيطعم ذلك الشخص طعامًا ويسقيه شرابًا أو يدله على الطريق أو يخبره ببعض الأمور الواقعة الغائبة فيظن ذلك الرجل أن نفس الشيخ الميت أو الحي فعل ذلك، وقد يقول: هذا سر الشيخ وهذه رقيقته (٢) وهذه حقيقته أو هذا مَلَكٌ جاء على صورته. وإنما يكون ذلك جنيًّا، فإن الملائكة لا تعين على الشرك والإفك والإثم والعدوان. وقد قال الله تعالى (١٧: ٥٦ - ٥٧): ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ .
٤٧ - قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون الملائكة والأنبياء كالعزير والمسيح، فبين الله تعالى أن الملائكة والأنبياء عباد الله (٣)، كما أن الذين يعبدونهم عباد الله، وبين أنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه ويتقربون إليه كما يفعل سائر عباده الصالحين.
٤٨ - والمشركون من هؤلاء قد يقولون: إنا نستشفع بهم أي نطلب من الملائكة والأنبياء أن يشفعوا، فإذا أتينا قبر أحد طلبنا منه أن
_________
(١) في ز: الجاهل العابد، وفي هذا الكلام إشارة إلى الآية الكريمة: ﴿وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك، كنا طرائق قددًا﴾ (سورة الجن: ١١) .
(٢) أي طيفه. وكل من رق جسده ونفسه يسمى رقيقًا.
(٣) والمسيح ﵇ يتبرأ من الذين اتخذوه وأمه إلهين، وذلك يوم يسأله الله سبحانه: ﴿أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق﴾ . (المائدة ١١٦) .
1 / 23