أدلة الكتاب والسنة والإجماع
٣١- ودليل ذلك: الكتاب، والسنة، وإجماع سلف الأمة
_________
=قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ وقال بن خويز منداد فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج فلذلك حالتان إن علم وغلب على ظنه أن سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل ولكن سينكى نكاية أو سيبلى أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة فعمد رجل منهم فصنع فيلا من طين وأنس به فرسه حتى ألفه فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيل الذي كان يقدمها فقيل له إنه قاتلك فقال لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة قال رجل من المسلمين ضعوني في الجحفة وألقوني إليهم ففعلوا وقاتلهم وحده وفتح الباب قلت ومن هذا ما روي أن رجلا قال للنبي ﷺ: "أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا قال فلك الجنة فآنغمس في العدو حتى قتل" وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش فلما رهقوه قال: "من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة" فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم رهقوه أيضا فقال: "من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة" فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال النبي ﷺ: "ما أنصفنا أصحابنا" هكذا الرواية أنصفنا بسكون الفاء أصحابنا بفتح الباء أي لم ندلهم للقتال حتى قتلوا وروي بفتح الفاء ورفع الباء ووجهها أنها ترجع لمن فر عنه من أصحابه والله أعلم.
وقال محمد بن الحسن: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو فإن لم يكن كذلك فهو مكروه لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعة فلا يبعد جوازه ولأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه وإن كان قصده إرهاب العدو وليعلم صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه وإذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾ الآية إلى غيرها من آيات المدح التي مدح الله بها من بذل نفسه" تفسير القرطبي (٢/٣٦٣، ٣٦٤) .
1 / 27