أنت تكتب لكل هؤلاء ولكنك تكتب لا لتلهو، ولكنهم يقرءون؛ ليتسلوا لا ليدركوا أنك تكتب ناصحا متألما.
أما أنا فأكتب إليك شاكرا، على رجاء أن يهدي الله من تكتب إليهم لصلاح نفوسهم ولما فيه من صلاح الأمة.
هذا بعض ما تحتوي رسالة مزارع جارة الوادي، وكم أتمنى أن أراه لأقبل جبهته وأهز يدا خلقت للمحراث والقلم.
إننا نكتب يا سيد إميل، لكل هؤلاء، وكما تنتظر أنت انقضاء الشتاء وعواصفه، أنتظر أنا الساعة التي تلبس ثوبا غزلناه لها، ونسجناه من خيوط قلوبنا ... أنا لا أقنط كما لا تقنط أنت، وأنتظر بصبر كما تنتظر والآتي قريب.
لا أقول لأمتي ما قاله فيلسوفنا الغزالي:
غزلت لهم غزلا دقيقا ولم أجد
لغزلي نساجا فكسرت مغزلي
لا والله، فلن أكسر المغزل، ولا يضرني استخفاف من نكتب لهم، فهؤلاء مثقفون ولكنهم يصيرون أميين لا يقرءون ما نكتب عندما يجلسون على كراسيهم الرفيعة العماد. إنهم في غمرة الوظيفة وحولهم حملة المباخر والفراشي. إنهم في سبات أعمق من سبات أبينا آدم حين أجرى له الله في مستشفى عدن عملية سحب الضلع ... أرأيت أن الله كان أول المبنجين؟!
هل ألوم الزمان فأكون كما قال الإمام الشافعي:
نعيب زماننا والعيب فينا
نامعلوم صفحہ