تقريب فتاوى ابن تيمية
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٤١ هـ
پبلشر کا مقام
السعودية
اصناف
١٤٩ - أَعْظَمُ مَا يَكون الْعَبْدُ قَدْرًا وَحُرْمَةً عِنْدَ الْخَلْقِ: إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِم بِوَجْه مِن الْوُجُوهِ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ إلَيْهِم مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُم: كُنْتَ أَعْظَمَ مَا يَكُونُ عِنْدَهُم، وَمَتَى احْتَجْتَ إلَيْهِم -وَلَو فِي شَرْبَةِ مَاءٍ- نَقَصَ قَدْرُكَ عِنْدَهُم بِقَدْرِ حَاجَتِكَ إلَيْهِم، وَهَذَا مِن حِكْمَةِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ؛ لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ وَلَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ.
فَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ أَكْرَمُ مَا تَكُونُ عَلَيْهِ: أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إلَيْهِ، وَأَفْقَرُ مَا تَكُونُ إلَيْهِ.
وَالْخَلْقُ أَهْوَنُ مَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ: أَحْوَجُ مَا يَكُونُ إلَيْهِمْ. [١/ ٣٩ - ٤٠]
١٥٠ - أَقْرِبَاؤُكَ وَأَصْدِقَاؤُكَ وَغَيْرُهُم إذَا أَكْرَمُوكَ لِنَفْسِكَ: فَهُم إنَّمَا يُحِبُّونَكَ وَيُكْرِمُونَكَ لِمَا يَحْصُل لَهُم بِنَفْسِكَ مِن الْكَرَامَةِ، فَلَو قَد وَلَّيْتَ وَلُّوا عَنْكَ وَتَرَكُوكَ، فَهُم فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا يُحِبُّونَ أَنْفُسَهُم وَأَغْرَاضَهُمْ. [١/ ٤١]
١٥١ - قَوْله تعالى: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣]، ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ الْآيَةَ [الرعد: ١٥]، وَقَالَ: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [البقرة: ١١٦]، لَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ مُدَبَّرِينَ مَقْهُورِينَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُقَالُ طَوْعًا وَكَرْهًا، فَإِنَّ الطَّوْعَ وَالْكَرْهَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَا يَفْعَلُهُ الْفَاعِل طَوْعًا وَكَرْهًا، فَأَمَّا مَا لَا فِعْلَ لَهُ فِيهِ فَلَا يُقَالُ لَهُ سَاجِدٌ، أو قَانِتٌ؛ بَل وَلَا مُسْلِمٌ؛ بَل الْجَمِيعُ مُقِرُّونَ بِالصَّانِعِ بِفِطْرَتِهِمْ، وَهُم خَاضِعُونَ مُسْتَسْلِمُونَ قَانِتُونَ مُضْطَرُّونَ مِن وُجُوهٍ:
أ- مِنْهَا: عِلْمُهُم بِحَاجَتِهِمْ وَضَرُورَتِهِمْ إلَيْهِ.
ب- وَمِنْهَا: دعَاؤُهُم إيَّاهُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ.
ت- وَمِنْها: خُضُوعُهُم وَاسْتِسْلَامُهُم لِمَا يَجْرِي عَلَيْهِم مِن أَقْدَارِهِ وَمَشِيئَتِهِ.
1 / 100