161

تقريب فتاوى ابن تيمية

تقريب فتاوى ابن تيمية

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ

پبلشر کا مقام

السعودية

اصناف

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ﴾ [التوبة: ٥٩] وَلَمْ يَقُلْ: "وَرَسُولُهُ"؛ فَإِنَّ الحسب هُوَ الْكَافِي، وَاللهُ وَحْدَهُ كَافٍ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤)﴾ [الأنفال: ٦٤]؛ اُّيْ: هُوَ وَحْدَهُ حَسْبُك وَحَسْبُ مَن اتَّبَعَك مِن الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلفِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ اللهَ كَافٍ لِلرَّسُولِ وَلمَن اتَّبَعَهُ، فَكُلُّ مَن اتَّبَعَ الرَّسُولَ فَاللَّهُ كَافِيهِ وَهَادِيهِ وَنَاصِرُهُ وَرَازِقُهُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ﴾ فَذَكَرَ الْإِيتَاءَ للهِ وَرَسُولِهِ، لَكِنْ وَسَّطَهُ بِذِكْرِ الْفَضْلِ؛ فَإِنَّ الْفَضْلَ للهِ وَحْدَهُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ فَجَعَلَ الرَّكْبَةَ إلَى اللهِ وَحْدَهُ دُونَ الرَّسُولِ وَغَيْرِهِ مِن الْمَخْلُوقَاتِ. [١/ ٢٩٢ - ٢٩٣] (النَّبِيُّ ﷺ يَشْفَعُ لِلْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ٢١٥ - أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَشْفَعُ لِلْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ أَنْ يَسْألَهُ النَّاسُ ذَلِكَ، وَبَعْدَ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ. ثُمَّ إنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَاسْتَفَاضَتْ بِهِ السُّنَنُ مِن أَنَّهُ ﷺ يَشْفَعُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِن أُمَّتِهِ وَيَشْفَعُ أَيْضًا لِعُمُومِ الْخَلْقِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانوا يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ وَيَتَوَسَّلُونَ بِهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَضْرَتِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" (^١) عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ:

(^١) (١٠١٠).

1 / 167